المرأة في التنمية والسلام هبة محمد

 تواجه المرأة اليمنية تحديات كبيرة في مجال الإعلام نتيجة للظروف الاجتماعية والسياسية الصعبة التي تمر بها اليمن. ومع ذلك، تشارك المرأة -كجزء أساسي- في قطاع الإعلام، وتسعى إلى التمثيل العادل والمكافئ في وسائل الإعلام.

وتأتي منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية لتلعب دورًا في دعم المرأة اليمنية في مجال الإعلام وتمكينها؛ فهي تعمل بجد لتقديم الدعم المادي والتقني في اليمن لتركز جهودها على تعزيز مشاركة المرأة في الوصول إلى فرص التدريب والتأهيل الإعلامي.

دعم المرأة اليمنية إعلاميًا

تقدم منظمات المجتمع المدني مشاركة ملحوظة في دعم المرأة وتمكينها في قطاع الإعلام في اليمن، في حين تواجه اليمنية تحديات كبيرة في هذا المجال، والمنظمات المجتمعية تعمل بشكل فعال على تقديم الدعم والمساندة اللازمة للنساء الراغبات في العمل في مجال الإعلام. يقول فايز الأشول -مدير الإعلام في مؤسسة تمدين شباب-: “تلعب منظمات المجتمع المدني في اليمن دورًا محوريًا في دعم المرأة إعلامياً، وذلك من خلال مجموعة من البرامج والأنشطة التي تهدف إلى توعية المجتمع بحقوق المرأة وقضاياها، ومحاربة الصور النمطية عنها -التي غالبًا ما تركز على المرأة كربة منزل- في المجتمعات المحلية وفي الخطاب الديني. كما تسعى هذه المنظمات إلى إبراز دور المرأة في المجتمع كشريكة في البناء والتنمية”. 

ويكمل: “لكن في السنوات الأخيرة -وتحديداً منذ بدأ الصراع في اليمن عام 2015- يواجه المجتمع المدني والمنظمات الدولية تحديات كبيرة؛ فهي -بسبب الوضع السياسي والأمني غير المستقر- غالبًا ما تكون عرضة للمضايقات عند القيام بأنشطة أو حملات توعية عن حقوق المرأة، مما يحد من قدرتها على العمل بشكل فعال”.   

ويشير الأشول إلى أن انقسام البرلمان، والشلل في أدائه، يعوق جهود منظمات المجتمع المدني في تنفيذ حملات مناصرة إعلامية لحقوق المرأة والضغط في تعديل القوانين؛ لتعزيز دور المرأة ومشاركتها في الحياة العامة وصناعة القرار.

ويوضح أنه خلال العقود الماضية تعرضت إنجازات المرأة في اليمن إلى انتكاسة قوية؛ إذ أوقفت بعض الجهات المختصة محافظ (المحافظ المالية) جميع الأنشطة الإعلامية المناصرة لحقوق المرأة في عمل منظمات المجتمع المدني والمنظمات الأممية والدولية بالمجمل.

من جانبها تشارك سماح الشغدري -رئيسة (مؤسسة صوت)- بالقول: “هناك العديد من الأنشطة التي تقوم بها المنظمات الدولية فيما يتعلق بتدريب المرأة في مجال الإعلام خاصة في مواضيع السلامة الرقمية والصحافة الاستقصائية، وهذا ليس محصورًا على النساء بل موجه للصحفيين بشكل عام، وكذا التدريب على التصوير الفوتوغرافي وعمل البودكاست الذي تدعمه كثير من المنظمات الدولية والمجتمعية”.

وأضافت: “في الماضي قبل اندلاع الأزمة، قامت (مؤسسة صوت) بمجموعة من التطورات التي ركزت على دور المرأة وتمكينها إعلاميًا، وتم تطوير خطة عمل بحثية عن صورة المرأة اليمنية في وسائل الإعلام قبل ثورة الربيع العربي. كما أسهمت في مؤتمر إعلامي مع دول متعددة كعضو في (شبكة آتك)، وتم صياغة ميثاق العمل الإعلامي”.

وتشير الشغدري إلى أن المؤسسة ركزت على تطوير ميثاق الشرف الإعلامي وجعلته خاصًا بتمكين المرأة الإعلامية اليمنية، ومنع استخدام المفردات المتداولة التي تعطي صورة نمطية أو سلبية عن المرأة. وقد كان ذلك في مؤتمر كبير بحضور عدد من القيادات الإعلامية اليمنية والعربية.

وأفادت أن المؤتمر هدف إلى تمكين المرأة إعلاميًا وتخصيص زاوية خاصة بالمرأة في البرامج التلفزيونية، وأيضًا تم الاتفاق على استبعاد البرامج التي تستخدم المفردات والجمل السلبية عن النساء، وكان هناك رؤية مستقبلية على تدريب الإعلاميين وتأهليهم لتناول مشاكل المرأة بدون تأطير أو تمييز، وإفراد زاوية لها في الصحف والإذاعات والقنوات.

وعن نسبة مشاركة المرأة في الدورات التدريبية الإعلامية تقول الشغدري: “نسبة مشاركة المرأة في الدورات الإعلامية قبل الصراع أكثر من 50%؛ إذ كنا نحرص على وجود النساء في كثير من البرامج التدريبية لكننا أحياناً لا نستطيع تدريب النساء الإعلاميات لأن أغلب القيادات الإعلامية من الذكور. وكنا نغطي العجز بدعوة الأكاديميات والصحفيات الكاتبات، وكنا نحرص أن يكون للصحفيات الموجودات في الساحة جزء كبير من برامجنا التدريبية”.

فيما تقول د. فاطمة مشهور -رئيسة (تكتل شركاء السلام) وعضو في اتحاد نساء اليمن-: “الدور الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية في دعم المرأة اليمنية في مجال الإعلام يسير في اتجاهين، الأول يتعلق بالقضايا والبرامج والأنشطة التي تقوم بها المنظمات المحلية في إطار تنفيذ خططها الاستراتيجية والسنوية. والاتجاه الثاني يتعلق بالدعم الذي تقدمه المنظمات الدولية لمنظمات المجتمع المدني؛ إذ تتفق المنظمات الدولية مع سياسات الجهات الداعمة وسياسات منظمات المجتمع المدني في سياق البرامج والمشاريع المشتركة. وللأسف الدعم الذي يقدم للمرأة في جانب البرامج الخاصة بالإعلام لا يتسم بالاستمرارية”.

وعن أهم الأنشطة والبرامج التي يقوم بها (اتحاد نساء اليمن) في دعم المرأة الإعلامية في اليمن، تقول مشهور: “عملنا في اتحاد نساء اليمن على توحيد الجهود بهدف تعزيز الوعي وتمكين المرأة اليمنية في مجال الإعلام، من خلال بناء القدرات وتدريب الموظفين والموظفات في الدائرة الإعلامية، وكذا إعداد البرامج والخطط الإعلامية المتنوعة، وحملات المناصرة لدعم مناهضة العنف الموجه ضد النساء والفتيات”.

وتواصل: “أيضًا، التدريب على إعداد المواد الإعلامية التي تسلط الضوء على أنشطة وبرامج المنظمات، وعلى إعداد وسائل إعلامية توعوية وتثقيفية حول قضايا مثل الزواج المبكر للفتيات القاصرات، وذلك في إطار تنفيذ حملات سنوية تستمر لمدة 16 يومًا. كما يشمل الدعم أيضا التدريب على تغطية الأنشطة والفعاليات التي ينظمها اتحاد نساء اليمن”. 

من جانبه يشارك حميد خالد -مدير قطاع السلام لدى (منظمة أجيال بلا قات للتوعية والتنمية)- بالقول: “تهتم منظمة أجيال بلا قات بتعزيز قدرات المرأة في مجالات عدة، أهمها المشاركة في صناعة القرار وبناء السلام، إلا أن المنظمة لم تقدم تدريبًا متخصصًا للإعلاميات، لكننا نستهدف كثيرًا من الإعلاميات ضمن المشاركات والمشاركين من منظمات المجتمع المدني والمجموعات النسوية”.

ويواصل: “ونستهدف أيضًا الإعلاميات ممن لهن حضورٌ في مواقع التواصل الاجتماعي وبعض القنوات التلفزيونية. ومن هذه التدريبات المتنوعة ما هو متعلق بالمرأة والأمن والسلام، والتركيز على الخطة الوطنية لتنفيذ القرار الأممي (1325) من أجل تعزيز مشاركة المرأة وحمايتها من العنف وكذلك دورها في الإغاثة والانعاش والسلام”. 

(تمدين شباب) وأنشطتها في دعم المرأة اليمنية إعلاميًا

“أفسحت مؤسسة تمدين شباب المجال لأصوات الشباب والشابات في اليمن لإعداد الحلقات وتقديمها على منصة  “تمدين بودكاست”؛ فقد استضافت المنصة العديد من النساء اليمنيات من مختلف التخصصات، وتناولت الحلقات مجموعة من القضايا المهمة التي تهم المرأة اليمنية، مثل: حقوق المرأة، ومشاركة المرأة في المجتمع، والعنف ضد المرأة”، وفقا لمدير إعلام مؤسسة تمدين شباب.

وأضاف: “كما تشارك مؤسسة تمدين شباب سنويًا في حملة (16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة)؛ إذ تنظم إدارة الإعلام في المؤسسة مجموعة من الفعاليات والأنشطة التوعوية التي تسلط الضوء على قضايا العنف ضد المرأة، وأهمية تمكينها وتعزيز مشاركتها في المجتمع”.

تحديات ومعالجات

تقول الشغدري: “أكبر التحديات التي واجهتنا هي اندلاع الصراع الذي أوقف كل شيء؛ لأن المؤسسة أُنشئت عام 2010، وكان أول نشاط لها في 2011 هو فيلم “يمنيات يصنعن التغيير”، ثم معرض فوتوغرافي عن دور النساء. فكانت التحديات السياسية هي من عوَّقت عملنا في جانب دعم المرأة وتمويلها إعلاميًا. والحل لكل تلك التحديات هو الاستقرار وإنهاء الصراع؛ لأن دور المرأة ووضعها انهار تمامًا خلال السنوات الأخيرة، وأرجع عجلة تنمية المرأة إلى الوراء”.

من جانبها، تشارك فاطمة مشهور بالقول: “تواجه الاتحادات النسائية في اليمن، في جانب دعم المرأة الإعلامية وتنفيذ الدورات الإعلامية والمشاركة مع مختلف الجهات ذات الصلة، تحديات عديدة أبرزها شحة الموازنات المالية اللازمة لتنفيذ الخطط الاستراتيجية والبرامج الزمنية للدائرة الإعلامية”.

وعن الحلول المقترحة للتخفيف من الوضع ومواجهة التحديات تقول: “لتجاوز هذه التحديات ينبغي زيادة مخصصات الدعم المالي والفني التي يمكن تقديمها من قبل الوكالات والمنظمات الدولية المانحة لمنظمات المجتمع المدني، ويجب أن تسعى الوكالات والمنظمات الدولية إلى تعزيز التمويل المتاح للاتحاد؛ لكي يتمكن من تنفيذ خططه الإستراتيجية وبرامجه السنوية التي تهدف إلى خدمة المرأة اليمنية في مجال الإعلام وغيرها”.

وأضافت: “بالإضافة إلى زيادة التمويل المالي، يجب أن يُوفَّر الدعم الفني للاتحاد، من خلال تقديم المعرفة والخبرة والتدريب المتخصص في مجال الإعلام، ويمكن للوكالات والمنظمات الدولية المانحة أن تسهم في تعزيز قدرات العاملين في الاتحاد، وتقديم الإرشادات والاستشارات التقنية لضمان تنفيذ برامجه بفاعلية وفي الوقت المحدد”.

وأنهت حديثها قائلة: “يجب تعزيز التعاون والشراكات بين الاتحاد والجهات ذات الصلة، مثل المؤسسات الحكومية، والمنظمات غير الحكومية، والوكالات الدولية؛ إذ يمكن لهذه الشراكات أن تسهم في تقديم الدعم المالي والفني، ويمكِّن الاتحاد من الوصول إلى الموارد والفرص المتاحة لتنفيذ برامجه بنجاح”.

 ويطرح حميد خالد تحديات أخرى تواجه المنظمات الدولية والمجتمعية بقوله: “كون المنظمات تعمل في الوسط المجتمعي ومع فئات المجتمع المختلفة وتلعب دورًا أساسيًا في الاستجابة الإنسانية ودعم مشاركة المرأة في صناعة القرار وبناء السلام؛ فإن هذا المسار كان من التحديات التي فرضت على كثير من المنظمات العمل في المجال الإغاثي؛ مما قلل من الاهتمام ببناء قدرات الإعلاميات، إضافة إلى ضعف التمويل من المنظمات المانحة المتعلق ببناء قدرات الإعلاميين بشكل عام. كل هذه تحديات تواجهها معظم منظمات المجتمع المدني، وحتى المنظمات المتخصصة في العمل الإعلامي”.

   ويرى أن من ضمن المعالجات المقترحة زيادة اهتمام منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية -خاصة المؤسسات المتخصصة- ببرامج ومشاريع متخصصة تعمل على بناء قدرات الإعلاميات في الجهات المختلفة، ورفع كفاءتهن من أجل أن يلعبن دورًا محوريًا في تسليط الضوء على القضايا المجتمعية والقضايا المتعلقة بالمرأة وبناء السلام وغيرها من القضايا الأخرى، كقضايا التغيرات المناخية والتنمية.