المرأة في التنمية والسلامحنان حسين

لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا محوريًا في تعزيز وجود المرأة الإعلامية في اليمن؛ إذ أسهمت في تمكينها من الوصول إلى الجمهور بشكل أوسع، والتعبير عن آرائها وأفكارها بحرية أكبر. وقد تمثل ذلك في ظهور العديد من الإعلاميات اليمنيات على منصات التواصل الاجتماعي اللائي يقدمن محتوى متنوعًا وشاملًا للعديد من البرامج والأخبار، وغيرها.

أبرز الأدوار

لمى دبوان -مقدمة برامج تلفزيونية- تتحدث قائلة: “تُعد وسائل التواصل الاجتماعي من وجهة نظري ونظر الكثيرين وسيلة فعالة تساعد على جذب انتباه العالم نحو قضايا حقوق المرأة بشكل عام؛ إذ ساعد الاستخدام الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي -وخاصة من النساء- على دعم قضايا المرأة وحقوقها، وجعلها من أهم القضايا التي تنال اهتمام وسائل الإعلام”.

وأضافت: “هذا يجعل القضايا تصل إلى شريحة جمهور أكبر. ويمكن الاعتراف بدور التطور التكنولوجي ووسائل الاتصالات الجديدة كأداة رئيسية لفرض وجود المرأة الإعلامية بشكل خاص؛ إذ أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي بديلة عن القنوات التلفزيونية ومتاحة للجميع، ومكتسحة للساحات فعززت المرأة الإعلامية ودعمتها كثيرًا”.

إلهام قائد -مخرجة برامج إذاعية- تتحدث في هذا الشأن قائلة: “لوسائل التواصل الاجتماعية دور كبير في مجال الإعلام الذي يخدم المرأة اليمنية؛ فقد ساعدها في عرض لقضاياها المجتمعية عن طريق تقديم الكثير من البرامج المتخصصة التي تعدها وتقدمها إعلاميات متميزات، يتناولن القضايا المجتمعية باحترافية. بالإضافة إلى أن هناك إذاعات رقمية على وسائل التواصل الاجتماعي حاليًا، وهي عبارة عن منصات مهتمة بالمرأة اليمنية وقضاياها على وجه الخصوص، وتنقل نظرة عن واقع حياتها وتعمل على حل بعض مواضيعها ومناقشتها”.

وتضيف: “لهذا لوسائل التواصل الاجتماعية دور كبير في مساعدة الإعلامية على توصيل رسالتها. وكوني مخرجه لبرامج صباحية في أكثر من إذاعة؛ فقد ركزت كثير من المذيعات في هذه البرامج على المرأة وقضاياها واهتماماتها”.

أهمية وضرورة

للمرأة في المجال الإعلامي أهمية وضرورة، وبوجودها يتحقق التوزان في عرض المواضيع والقضايا الإعلامية. وهنا مجموعة من الآراء تخص هذا الأمر وهي كالآتي:

  • تحدثت لمى دبوان عن أهمية وسائل التواصل الاجتماعي من وجهة نظرها كإعلامية تقوم بالنشر والتعليق على هذه المنصات المتنوعة، بقولها: “أسهمت هذه المنصات في التبادل الثقافي الجماعي والتواصل بين الثقافات، وأدى ظهور منصات التواصل الاجتماعي إلى المزج بين أنماط التفكير الثقافية المختلفة وأنماط التعبير، وهذا ساعد كثيرًا من الإعلاميات في الحصول على الكثير من الدعم والمشاركة، أو حتى حصولهن على النقد البناء، بالإضافة إلى تبادل الآراء والمناقشات؛ لاكتساب معارف كثيرة وتطوير الذات في الجانب الإعلامي”.
  • تؤكد إلهام قائد على أهمية وجود المرأة في هذا المجال، وفي المقابل يجب أن تكون على قدر كبيرٍ من المسؤولية فيه؛ لتأثيره على الآخرين، وتقول: “لوجود المرأة في المجال الإعلامي أهمية كبيرة؛ إذ يجب على الإعلامية (إذاعية أو صحفية) أن تكون مطلعة على كل ما هو جديد، وما له صدى في الشارع؛ كي تنقل لهم الفائدة وتحقق لها حيزًا ووجودًا في ذهن المجتمع ووجدانه”.

خلق فرص وظيفية للإعلاميات

في الآونة الأخيرة نجد أن وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت في توفير فرص عمل جديدة للمرأة اليمنية؛ إذ أصبحت العديد من الإعلاميات اليمنيات يعتمدن على هذه الوسائل كمصدر أساسي للدخل. وقد ساعد ذلك في تحقيق استقلالية المرأة اليمنية، وتعزيز مكانتها في المجتمع.

وبالطبع، ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي في خلق فرص وظيفية للإعلاميات اليمنيات، فقد أصبحت العديد من المؤسسات الإعلامية اليمنية تعتمد على هذه الوسائل في نشر محتواها، وجذب الجمهور إليه. وقد أدى ذلك إلى زيادة الطلب على الإعلاميات اليمنيات اللواتي يتمتعن بخبرة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

علَّقت إلهام قائد، قائلة: “دفعت منصات التواصل الاجتماعية الإعلاميات للاتجاه نحو مواضيع تخصصية عن طريق إنشاء منصات تهتم بمجال معين، وكذلك ساعدتهن في تقديم خدمات إعلامية بشكل أسهل وأكثر وصولاً للجمهور”.

وأضافت: “نجد أن المذيعة قد أصبحت صانعة محتوى، تنطلق في الشاشة الصغيرة وتقدم معلومات من دون الاستعانة بمخرج أو مهندس صوت، وهذا لوحظ في الآونة الأخيرة بوجود منصة (البودكاست) ومن خلاله أُتيح المجال لمعرفة آراء الجمهور حول كثير من المواضيع المختلفة؛ لذلك نجد أنها وفرت فرص عمل لكثير من الإعلاميات”.

أما خلود عبد الله فترى أن مواقع التواصل الاجتماعي أسهمت في إتاحة الفرص أمام الإعلاميات ليعملن في عدة مجالات، مثل الصحافة وإعداد الأخبار ونشرها، وعمل التحليلات، وكتابة التقارير، وتقديم البرامج الترفيهية والاجتماعية على وسائل التواصل الاجتماعي”.

وأكدت لمى دبوان أن لهذه المنصات الافتراضية دورًا بارزًا في الحصول على مصدر دخل، وتقول: “أسهمت هذه المنصات في توفير فرص عمل وظيفية للكثير من الإعلاميات؛ لأن التكنولوجيا جعلت العالم الكبير قرية صغيرة، ومن خلالها سمحت للناس بالتعرف على بعضهم، ومعرفة قدرات كل شخص ومواهبه”.

وتضيف: “وساعدت المنصات الإعلاميات على مواكبة اتجاهات السوق، والاطلاع على كل ما هو جديد في كل المجالات، وفي نشر المعلومات وتبادلها، ومشاركة الخبرات من مختلف التخصصات؛ وهو ما يحقق مردودًا إيجابيًا على إنتاجية العاملين في الإعلام بشكل كبير”.

صناعة المحتوى

إن لمنصات التواصل الاجتماعي يدٌ في تمكين النساء المتميزات من الظهور بشكل محترف وتقديم محتوى هادف، والعنود عارف كان لها تعليق على هذا الدور البارز لهذه المنصات، كونها صانعة محتوى اجتماعي ترفيهي ومنتوع.

ترى العنود أن مواقع التواصل الاجتماعية أسهمت بشكل كبير في إيصال صوت المرأة اليمنية وتعزيز شهرتها بشكل أوسع، وتقول: “تتعرض الإعلاميات وصانعات المحتوى للكثير من التحديات والصعوبات، من هجوم وتنمر وعدم تقبل وإحباط، وتعرضهن لكلمات مسيئة أو شتائم. مع ذلك، هذه المنصات دعمت المرأة بقوة رغم كل الصعاب”.

وأضافت: “من أكبر التحديات التي قد تقف أمام الإعلاميات وصانعات المحتوى هو المجتمع اليمني بحد ذاته وعقليته المنغلقة نوعًا ما، فهو لا يتقبل ظهور المرأة بشكل عام، ولا يقدم لها أي دعم. تعيش المرأة في المجال الإعلامي في صراع كبير وشديد، بين أنها تريد أن تُوصل صوتها للجميع، وبين المجتمع الذي لا يتقبل وجودها من الأساس”.

ترى العنود أن الوقت تغير للغاية وتضيف: “أبرز التغيرات تكمن في الحالة التي وصل إليها المجتمع، فسابقًا كان اشتهار الإعلامية أقل؛ لكنها لم تكن تواجه الصعوبات التي يواجهها هذا الجيل؛ إذ أصبح الانتشار والاشتهار أوسع وأسرع، وفي المقابل تواجه العديد من الصعوبات؛ لذلك أرى أن وضع الإعلاميات اليمنيات حاليًا أصعب”.

معوقات وصعوبات

تذكر لمى عددًا من المعوقات التي تتعرض لها الإعلاميات قائلة: “تواجه الإعلامية كثيرًا من الصعوبات والتهديدات التي تعوقها، وتعاني أيضًا من التمييز وعدم المساواة بين الجنسين بحكم أنها امرأة، وتتعرض للكثير من النقد والتنمر عند ظهورها على هذه المنصات”.

أما إلهام قائد فتؤكد أن المجتمع هو السبب الكبير لعرقلة المرأة في المجال الإعلامي عن المضي نحو النجاح، وتقول: “كوننا -للأسف- في مجتمع رجعي بنسب متفاوتة على حسب المنطقة؛ فقد واجهت الإعلامية اليمنية كثيرًا من كلمات التنمر والنقد غير المحبب، فهناك جماعة من الناس لا ينظرون إلى جوهر المعلومة المقدمة لهم من الإعلاميات، وإنما ينظرون إلى شكلها”.

وتضيف: “قد تتقيد الإعلامية بعادات المجتمع وتقاليده، وتتعرض لكثير من الضغط الأسري عليها. وهذا ما أعاني أنا منه على وجه الخصوص، فلم أستطِع الظهور بشكل علني على المنصات الإلكترونية بحجة عاداتٍ وتقاليدَ مجتمعية تمنعني من الظهور”.

المعالجات والحلول

تتحدث لمى دبوان عن أبرز المعالجات التي تعزز من وجود المرأة في المجال الإعلامي قائلة: “من وجهة نظري تكمن الحلول من ناحية الوعي وتعزيز دور وجود المرأة الإعلامية في أي مكان يحضر فيها شريكها الرجل؛ كون المرأة نصف المجتمع وشريكة الرجل في النجاح. كما يجب التخلي عن النظرة الرجعية للمرأة التي ترى أن مكانها هو البيت فقط، وبهذا تنتهي هذه المشكلة”.

وشددت لمى عن موضوع عدم التمييز والحرص على المساواة بين الجنسين بقولها: “يجب أن تكون المناصب في المجال الإعلامي متاحة للمرأة كما هي للرجل، وأن تكون التعددية الإعلامية متاحة للجميع دون تمييز، كما يجب أن يكون هناك حرية للإعلامية بعيدًا عن التطرف والعنصرية”.

وتقول إلهام قائد عن أبرز المعالجات: “أولًا يجب توعية المجتمع بأن الإعلامية تقدم معلومة، وأنها ليست سلعة للعرض والظهور. وثانيًا يجب إتاحة الفرصة للمرأة الإعلامية للتطوير من قدراتها، عن طريق عمل ورشات عمل للإعلاميات تدفعهن إلى التصدي للعراقيل التي تواجه النساء على المنصات الإلكترونية”.

فيما تؤكد العنود عارف على ضرورة تقديم المحتوى الهادف من قِبَل الإعلاميات اليمنيات وصانعات المحتوى بشكل يراعي العادات والتقاليد المجتمعية، وعدم الدخول في معارك لا جدوى منها مع الجمهور اليمني المحافظ.

تعد وسائل التواصل الاجتماعية أداة مهمة في إعطاء الإعلاميات اليمنيات منحنى آخر من منحنيات التميز والشهرة، فنجد أنها منحت النساء في المجال الإعلامي دورًا إيجابيًا في تعزيز وجودهن وفي تحسين فرص وصولهن إلى المعلومات والأخبار، وسهولة إيصال المعلومة وتحقيق الفائدة للمجتمع، وبناء علاقات مهنية وشخصية، وفي خلق فرص وظيفية أيضًا.