المرأة في التنمية والسلام – ياسمين عبدالحفيظ
تلعب المرأة في العمل الدبلوماسي دورًا نشطًا ومهمًّا، بما تمتلكه من قدرة وكفاءة تؤهلها للعمل في هذا المجال، وإنجاز العديد من المهام الدبلوماسية؛ من خلال شغلها العديد من المناصب المختلفة التي تتبع السلك الدبلوماسي في اليمن.
وبرز دور المرأة اليمنية في القطاع الدبلوماسي من خلال ما حققته بعضهنّ من إسهامات وإنجازات؛ إذ صدر لبعضهنّ العديد من المؤلفات التي لها علاقة بالمجال الدبلوماسي، ومثلنَ اليمن في كثير من المحافل والمهرجانات العربية والدولية، وقدمنَ نموذجًا مشرفًا للبلاد في السفارات التي عملنَ بها، كما كان لها حضور لافت في الوفود التي مثلت اليمن في العديد من القمم العربية والدولية.
وشاركت المرأة اليمنية في العديد من المحادثات التي تهدف إلى إحلال السلام، وحضرت الحوارات الرامية إلى إحداث توافق بين أطراف الصراع في جميع الجوانب المتعلقة بعملية إيقاف الصراع، كما نشرت العديد من الأبحاث والدراسات المتعلقة بالمجال السياسي والدبلوماسي، وعملت المرأة على تقديم المحاضرات في الجامعات والمعاهد التي تدرس هذه التخصصات على المستوى المحلي والدولي، كما حفل السلك الدبلوماسي في اليمن بمستشارات في السفارات اليمنية، إذ ترأسن وفودًا يمنية وشاركن في الندوات والاجتماعات العربية والدولية، بالإضافة إلى أنّ المرأة اليمنية عملت على تأسيس المجموعات والتوافقات النسوية في مجال بناء السلام في اليمن، وشاركت في صياغة العديد من القوانين التي تضمن حقوق الإنسان اليمني، وكان لها حضور في العديد من المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان.
وضع المرأة الدبلوماسية حاليًا
في هذا الشأن يقول مصطفى ناجي (باحث ودبلوماسي سابق): “تؤدي المرأة الدبلوماسية اليمنية دورًا مهمًّا في السلك الدبلوماسي إلى جانب الرجال. كما شغلت النساء الدبلوماسيات مناصب مهمة في مختلف وظائف العمل الدبلوماسي في المرافق المعنية”.
ويضيف ناجي في حديثه لصحيفة (المرأة في التنمية والسلام): “أنّ عدد النساء الدبلوماسيات اليمنيات قليل مقارنة بالدبلوماسيين الذكور، وأنّ السنوات الأخيرة قد أحدثت تغييرًا في نسبة مشاركة المرأة في السلك الدبلوماسي”. مؤكدًا أهمية انخرط النساء في السلك الدبلوماسي، وإعطائهن الفرصة في التأهيل النوعي، خاصة ذوات الكفاءة المعرفية والمهنية الكبيرة، الأمر الذي سينتج تأثيرًا فعّالًا في عملية بناء السلام، ولكن الصراع تسبب في إنهاء كل هذه المكتسبات.
ويتابع: “لم تبرز دبلوماسيات يمنيات بصفة سفيرة عاملة إلا عدد محدود، منهنّ الأستاذة رمزية الإرياني، والأستاذة نورية الحمامي، وهذه الأخيرة كانت سفيرة عاملة في سفارة اليمن في تركيا. بالإضافة إلى سفيرات من خارج السلك الدبلوماسي؛ كالسيدة أمة العليم السوسوة”.
ويقول: “حاليًا هناك ثلاث نساء يمنيات دبلوماسيات عاملات؛ إحداهنّ من السلك الدبلوماسي هي السفيرة اسمهان الطوقي سفيرتنا لدى إيطاليا، والسفيرتان الأخريتان هما: السفيرة سحر غانم سفيرتنا في هولندا، والسفيرة ميرفت مجلي سفيرتنا في دولة بولندا”.
من جهتها تقول أماني خليل باخريبة (باحثة سياسية): “إنّ وجود المرأة في مواقع صنع القرار وفي السلك الدبلوماسي ظل ضعيفًا وديكوريًّا، وفي معظم الأحيان توضع النساء في مناصب قيادية محددة، ويعود ذلك إلى العديد من الأسباب أهمها: سيطرة الرجال على الوظائف القيادية؛ نتيجة لغياب البرامج التأهيلية والتدريبية والتقنية التي تتيح للمرأة الاستفادة من الوصول إلى مراكز متقدمة في صناعة القرار”.
ولا يتعارض تصريح الباحثة أماني خليل مع ما صرحت به ناشطات وسياسيات، إذ أكدنَ على أهمية تحسين مكانة وضع المرأة في مجال صنع القرار، وإعادة النظر في موقعها في جميع الميادين؛ لتوفير فرص أفضل لها، وتمكينها من الوصول إلى مواقع التأثير؛ كونها مسألة متلازمة لبلوغ أهداف التنمية.
تأثير دور المرأة الدبلوماسية
وبحسب الباحثة أماني خليل، فقد خلق وجود العديد من النساء في العمل الدبلوماسي العديد من الفرص المتاحة، كما أسهم في جلب كثير من الأثر على أرض الواقع، أبرزه إتاحته الفرصة لتحسين الجهود الدبلوماسية لتعزيز المصالح الوطنية والعالمية، وتحقيق السلام والأمن والتنمية، إلى جانب ذلك تلعب المرأة دورًا مهمًا في تعزيز القيم الإنسانية في العمل الدبلوماسي، وتعمل على تعزيز العدالة والمساواة وحقوق الإنسان، وتشكل جزءًا أساسيًّا في التواصل والتفاهم بين الثقافات والشعوب المختلفة”.
كما أضافت: “أنّ المرأة تمثل نصف المجتمع، فإنّ وجود المزيد من النساء في العمل الدبلوماسي يعزّز التنوع والتمثيل المتعدد للبلاد في عدة قطاعات ومجالات، ويؤدي ذلك إلى تعزيز فرص المشاركة، وتحسين الإجراءات الدبلوماسية بشكل عام، وتحسين العلاقات بين الدول والمجتمعات المحلية والدولية”.
كما لفتت إلى ما حققته مشاركة المرأة اليمنية في السلك الدبلوماسي من تأثير فعّال، جعل مشاركتها في مختلف المجالات أمرًا واقعًا، واتّضح ذلك من خلال حضور المرأة بشكل بارز وفاعل في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وغيرها من المؤتمرات المحلية والدولية.
كما أوضحت الباحثة أماني أنّه أثناء عملية تحضير مؤتمر الحوار الوطني الشامل، صدر في 2012م قرارات جمهورية بتشكيل لجنة التواصل للحوار الوطني، وتكونت اللجنة من 8 أعضاء، من بينهم امرأتان، وبنسبة تمثل 25%، والعمل على تشكيل لجنة فنية لتولي التحضير لمؤتمر الحوار الوطني، التي تكونت من 29 عضوًا، من بينهم 6 نساء، وبنسبة تمثل 17%. كما اختِيرت سيدةٌ كمتحدثة رسمية للجنة الفنية.
وتواصل حديثها: “وأثمرت مشاركة النساء الجادة والفاعلة في اللجنة الفنية، مع الدعم الدولي، بإقرار حصة النساء بما لا يقل عن 30% في مؤتمر الحوار الوطني، وإلزام جميع الأحزاب بهذه النسبة في قوائمها للأعضاء المشاركين في الحوار، وانتهى القرار النهائي أن تكون مشاركة النساء 30% من مجموع العدد الكلي للأعضاء 565، لتصل نسبة مشاركة النساء في عضوية المؤتمر إلى 29,4% بواقع 166 عضوة مقابل 399 عضوًا، وغُيّبت النساء من هيئة رئاسة المؤتمر إلَّا من امرأة كنائبة للمقر”.
وتشير في حديثها لصحيفة (المرأة في التنمية والسلام) إلى ما أحدثته مشاركة المرأة في لجنة (صياغة الدستور الجديد) حصلت المرأة اليمنية على جملة من الحقوق والمكاسب السياسية، وعملت لجنة صياغة الدستور على ترجمة كثير من مخرجات مؤتمر الحوار الوطني إلى أحكام دستورية، وكان للمرأة اليمنية نصيب وافر من تلك الأحكام، ولم يخلُ باب ولا فصل في مسودة الدستور من حكم واحد على الأقل لصالح المرأة، لتشكل تلك المسودة ثورة في حقوق النساء؛ إذ أكدت على المساواة بين الجنسين وعدم التمييز، ويعود الفضل في ذلك إلى أنّ صياغته تمت بعد إنجاز حوار وطني شاركت فيه النساء بكتل حاسمة أحدثت فرقًا في تضمين مبادئ المواطنة المتساوية.
وتعود للقول: “إنّ مشاركة النساء في العملية السياسية بعد 2019م تراجعت بشكل ملحوظ عمّا كانت عليه قبل الصراع، إذ كانت مشاركتهنّ متواضعة جدًّا في المحادثات الرسمية، كما أنّ الدولة لم تعمل على تمكين المرأة بشكل عام، وعلى الرغم من الأهمية التي تمثلها المرأة في العمل الدبلوماسي، فإنّ تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أنّ المرأة ممثلة تمثيلًا ناقصًا بشكل صارخ في السلكين الدبلوماسي والخارجي لمعظم الحكومات، ولا سيما في المناصب المهمة”.
كما أوضحت بأنّ العادة درجت على تعيين المرأة في سفارات أقل أهمية بالنسبة للعلاقات الخارجية للبلد، وفي بعض الحالات تتعرض المرأة للتمييز عند تعيينها بسبب القيود المتصلة بوضعها العائلي، وتُحرم المرأة في كثير من الأحيان من فرص الاشتغال بالعمل الدولي؛ بسبب افتراضات متعلقة بمسؤولياتها المنزلية، بما في ذلك الافتراض بأنّ رعاية المعالين داخل الأسرة سيمنعها من قبول التعيين”.
من جهته يقول محمد التاج (صحفي): “رغم الصراع الحالي، لعبت المرأة اليمنية دورًا كبيرًا في المجال الدبلوماسي، ووُجِدت المرأة في أماكن غابت عنها الدولة، هناك عدد من النساء اليمنيات شغلنَ مناصب في السفارات والبعثات الدبلوماسية في الخارج، وعملنَ على تعزيز العلاقات بين بلادنا والدول الأخرى، كما ساعدت المرأة اليمنية في علمية إحلال السلام، ودعم الاستقرار والأمان في البلاد، واستطاعت أن تنقل للعالم التحديات التي تواجهها اليمن من خلال نشاطها في الخارج، وعلى المستوى المحلي فقد لعبت دورًا مهمًّا في تعزيز الحوار بين الأطراف المتنازعة، وعملت على تقديم اقتراحات وإستراتيجيات تعزز عملية السلام.
ويشير في حديثه إلى أنّ المرأة العاملة في المجال الدبلوماسي تواجه تحديات كبيرة؛ منها صعوبة الوصول إلى المناصب القيادية، وأرجع سبب ذلك إلى عدة عوامل منها، تدهور الوضع الأمني في البلاد، الأمر الذي يجعل عمل المرأة في بعض المناطق التي تشهد نزاعات صعبًا؛ نتيجة تقييد تنقلهنّ ونشاطهنّ الدبلوماسي.
وأضاف: “أنّ المرأة اليمنية تحتاج إلى التوازن بين الأدوار المهنية والأسرية؛ إذ تواجه النساء تحديات في إدارة الوقت، والتفريق بين متطلبات الحياة الشخصية والمهنية، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية التي تشهدها البلاد، وهذا يؤثر على فرص العمل والتوظيف”.
ويرى “لصحيفة المرأة في التنمية والسلام” , أنه قد يكون من الصعب على المرأة اليمنية العثور على فرص عمل في مجال الدبلوماسية المحلية، والحصول على تمويل لتحقيق أهدافها المهنية، وهذا ما قيد المرأة اليمنية بشكل كبير.. مؤكدأ أن دور المرأة اليمنية في العمل الدبلوماسي لا يتناسب مع مكانة المرأة وتواجدها في المجتمع اليمني، إذ تعاني المرأة اليمنية من التهميش في العمل بالسلك الدبلوماسي ووظائفه المختلفة، حيث ظلت الوظيفة الدبلوماسية حكرا على الرجل.. ويحمل التاج استمرار الصراع باليمن مسؤولية إعاقة المرأة اليمنية عن الوصول إلى الدور الدبلوماسي الذي يليق بها.