المرأة في التنمية والسلام – أحمد باجعيم

تتمتع النساء بإمكانيات ومهارات كبيرة ومتنوعة في مختلف المجالات بشكل فاعل، وتحديدًا في مجال التنمية الاقتصادية. وانطلاقًا من هذا المبدأ، فإن تمكين سيدات الأعمال، من خلال توفير الفرص والدعم اللازم لهن، يعد خطوة حاسمة لتحقيق التقدم والازدهار على جميع المستويات، خاصة في التنمية الاقتصادية.

إن النجاحات التي حققتها النساء اليمنيات الرياديَّات في مجال الأعمال التجارية تعكس قدرتهن على التأقلم مع التحديات التي تمر بها البلاد خاصة في الجانب الأمني والاقتصادي، وخلق ابتكارات متنوعة في مجالات متعددة، يجعل من تلك النجاحات قوة قادرة على تخطي الصعوبات؛ الأمر الذي يؤكد أهمية دور سيدات الأعمال في دعم الاقتصاد المحلي. وفي هذا التقرير رصدنا الدور الذي تقدمه سيدات الأعمال للاقتصاد الوطني والجهات المختصة في سبيل تمكين السيدات.

خطط التمكين

تقول مديرة إدارة تنمية المرأة العاملة في مكتب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بساحل حضرموت زهرة إسحاق: “إن الاهتمام بقضايا المرأة وتمكينها يزداد يومًا بعد يوم، لنيل حقها في العمل والمشاركة في الحياة العامة، وفتح المجال أمامها لتوسيع مداركها في مختلف المجالات، خاصة في المجال التجاري والاقتصادي الذي يعد أحد أهم الاهتمامات التي يتم التركيز عليه مؤخرًا لتنمية الاقتصاد الوطني”.

وأوضحت أن الرفع من المعارف العلمية والعملية للمرأة وتنمية قدراتها وتمكينها اقتصاديًا يعد من أولويات الدولة، عبر وضع خطط وبرامج تسهم في تفعيل نشاط سيدات الأعمال في سوق العمل، وتعزيز التضافر من قبل الجهات المعنية والمختصة لتتمكن النساء من القيام بدورهن المأمول تجاه الاقتصاد الوطني، ومواجهة انهيار الوضع الاقتصادي في البلد.

من جانبها، تشير مديرة قسم سيدات الأعمال في الغرفة التجارية بحضرموت الساحل ندى بن زيدان إلى أن خطط التمكين تتمثل في تقديم كل التسهيلات اللازمة لسيدات الأعمال لدعم مشاريعهن وتطويرها. وتشمل تدخلات قسم سيدات الأعمال في الغرفة التجارية عمليةَ التدريب والتأهيل المستمر للنساء؛ بهدف تطوير مشاريعهن لتلبي متطلبات سوق العمل المحلي، وتطوير دورهن تجاه الاقتصاد الوطني عبر فتح فرص عمل للعاطلات عن العمل لتحسين دخلهن، بالإضافة إلى خلق شراكات مع المعاهد والمؤسسات التي لها علاقة بهذا المجال، وتعزيزها.

وفي ذات السياق، أوضحت مديرة إدارة مراكز الأسر المنتجة وتنمية المجتمع بمكتب الشؤون الاجتماعية والعمل في ساحل حضرموت عديلة السعدي أن الإدارة تسهم في تمكين سيدات الأعمال؛ ليتمكَّن من دعم الاقتصاد الوطني وتنمية المجتمع، عبر توفير تراخيص السجل التجاري، وتقديم تسهيلات لاستخراجه من الغرفة التجارية، وإقامة معارض وبازارات داخلية وخارجية لعرض أنشطة النساء وأعمالهن أمام الزوار والمهتمين ووسائل الإعلام.

آراء سيدات الأعمال

ترى الناشطة في مجال العمل التجاري منذ عام 2007، السيدة أمل السميطي أن سيدات الأعمال في اليمن أسهمن في فتح فرص عمل لكثير من العاطلات، وكان لهن دور بارز في دعم الاقتصاد الوطني في فترات عدة، وذلك من خلال زيادة الإنتاج المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المنتجات المصنوعة محليًا، بل وتصديرها للخارج، وهذا الأمر أسهم في تحسين الاقتصاد المحلي والتخفيف من نسبة الفقر والبطالة، خصوصًا في أوساط اليمنيات اللائي يمتلكن الخبرة في بعض الأعمال والحرف اليدوية، كما أن هناك سيدات أعمال يَقُدْنَ شركات صغيرة ومتوسطة إلى الآن.

وتابعت: “زيادة تمثيل سيدات الأعمال في القطاع الخاص يعزز من التقدم الاقتصادي في البلد، ويسهم في تنوع فرص العمل. على الرغم من ذلك تواجه النساء الرائدات في هذا المجال تحديات جمة تعوِّق تطوير دورهن في دعم الاقتصاد الوطني، ومن أبرز تلك التحديات عدم توفر بنية تحتية قوية تسهم في تطوير مشاريعهن الاستثمارية، وانهيار العملة المحلية في بعض المحافظات؛ الأمر الذي تتسبب بخسائر طائلة لمشاريع سيدات الأعمال، بالإضافة إلى تراجع حجم المبيعات نتيجة الوضع الاقتصادي المتدهور، وضعف الدعم المقدم من قبل الجهات المانحة والمعنية لمشاريع سيدات الأعمال، مثل توفير القروض البيضاء والتدريب والتأهيل.

من جهتها، ذكرت سيدة الأعمال سلوى داؤود أن أهمية تشجيع سيدات الأعمال وتطويرهن وتمكينهن وإعدادهن إعدادًا جيدًا، في الوقت الحالي سيكون له مردود مستقبلًا على الاقتصاد الوطني بشكل أوسع في مختلف المجالات، وتؤكد أن تنمية الرائدات وتأهيلهن عبر الرفع من قدراتهن في مجال الموارد الاقتصادية والمالية الأساسية -مثل الأجور ورأس المال- كل ذلك سيعمل على مساعدتهن في الانتقال من الحد الأدنى إلى الحد الأعلى اقتصاديًا، ويمنحهن الاستقلال المالي.

مشيرة إلى أهمية إعداد دراسة شاملة حول السوق والعملية التسويقية والتكاليف والأمور المالية وغيرها؛ لتتمكن النساء من إدارة مشاريعهن بكل نجاح وضمان استمرارية، فهناك العديد من المشاريع لسيدات الأعمال فشلت نتيجة ضعف الدراسة المالية وعملية التأهيل، وسوء إدارة الموارد المالية.

وأكدت أنه لن يكون للمرأة دور في دعم الاقتصاد الوطني ما لم تتمكن من تخطي بعض التحديات التي تتمثل في: نقص رأس المال وعدم وجود السيولة الكافية، وضعف الثقة بالنفس، والخوف من طرق الدفع الإلكتروني وعدم الثقة بها، والمنافسة الشديدة في السوق، ومواكبة التغيرات السريعة في قيمة العملة المحلية.

ظروف العمل الراهنة

أوضحت زهرة إسحاق أن سيدات الأعمال في الوقت الراهن يمررن بالعديد من المنعطفات والصعوبات، وهذا له دور في إفشال العديد من المشاريع. ولعل الوضع الحالي الذي تمر به اليمن منذ اندلاع النزاع المسلح على مدى التسع السنوات الماضية يعد من أكثر التحديات التي تسببت في إفشال العديد من المشاريع التجارية.

وأشارت إلى أن إدارة تنمية المرأة العاملة في مكتب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بساحل حضرموت تقدم العديد من الإرشادات لسيدات الأعمال؛ للحفاظ على ديمومة مشاريعهن وتحقيق أرباح جيدة، أهمها اختيار فكرة للمشروع مبتكرة وفريدة وجديدة تلبي احتياجات السوق.

تقدم زهرة إرشاداتها التي يجب على كل سيدة أعمال العمل بها، وهي تتمثل في أهمية إعداد دراسة جدوى شاملة للمشروع المقترح تشمل تحليلًا للسوق المنافس والجدوى المالية، وكيفية الحصول على تمويل كافٍ، والعمل على بناء شبكة اتصالات؛ لتحسين عملية التواصل مع أشخاص ذوي خبرة في النشاط التجاري، مما يتيح لها فرصة للتعلم من تجارب الآخرين والاستفادة من خبراتهم والمساعدة في تطوير المشروع، والعمل على مواصلة التدريب والتطوير في المهارات الشخصية والتجارية في مجال الإدارة، ووضع استراتيجية تسويقية حديثة للمنتج عبر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي أو التسويق عبر الإنترنت أو الإعلانات المحلية.

التوصيات

لمعالجة أهم التحديات التي تواجه عملية التمكين لسيدات الأعمال، يجب العمل على وضع توصيات تسهم في رفع قدراتهن للقيام بدورهن المأمول تجاه الاقتصاد الوطني ودعمه، وذلك من خلال توسيع الأنشطة التجارية.

وتشير عديلة السعدي إلى أهمية تدريب سيدات الأعمال في مجال ريادة الأعمال، وإقامة شراكات مع منظمات مانحة محلية ودولية، والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة في بعض المجالات الاقتصادية، والمشاركة في تنفيذ ورش عمل في مجال دراسة الجدوى الاقتصادية للمشاريع، وعمل شراكة مع الجهات الاستشارية؛ لتقديم المساعدة والمشورة للنساء في الجانب الاقتصادي.

وأوضحت أن لدى مكتب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في حضرموت الساحل شراكة فاعلة مع سيدات أعمال، عبر تنفيذ برامج تدريبية تسهم في تطوير أعمالهن التجارية، ومساعدة الأسر المنتجة وتأهيلها لتكون في المستقبل ضمن سيدات الأعمال الرائدات.

إن النجاحات الاقتصادية التي حققتها النساء في اليمن تعكس قدرتهن على التأقلم مع التحديات الراهنة التي تشهدها البلاد، وهذا يجعل لتمكينهن دورًا حيويًا في تعزيز الاقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة؛ لذا تؤكد العديد من التقارير الاقتصادية أهمية تفعيل دور الجهات المعنية المحلية والدولية في دعم سيدات الأعمال اقتصاديًا، وتوفير البيئة المناسبة لهن لتمكينهن من النجاح والابتكار في سوق العمل.