المرأة في التنمية والسلام – أفراح بورجي
يعدُّ الإعلام ركيزة أساسية في أيّ مجتمع، ويلعبُ دورًا محوريًّا في نشر الوعي المجتمعي في مختلف القضايا، ويسلط الضوء على الجهود المبذولة في مختلف المجالات؛ إذ إنّ الوسائل الإعلامية المختلفة أكانت صحافة أو إذاعة أو تلفزيون ذات أهمية وتأثير، خاصة في القضايا التي تهم المجتمع اليمني.
على الرغم من ذلك لم يعطَ الإعلام حقَّه في التركيز على قضايا المرأة اقتصاديًّا، أو تسليط الضوء على دور سيدات الأعمال في اليمن، لانشغاله في تغطية الوضع الراهن، مناقشة الصراعات السياسية والعسكرية.
وحول دور وسائل الإعلام وخاصة الإذاعة، تقول نسيبة يوسف (كاتبة وصانعة محتوى، تعمل لدى “نسوان فويس”): “تلعب الإذاعة دورًا مهمًّا في تعزيز ثقافة تمكين المرأة اقتصاديًّا، عبر تسليط الضوء على نجاح النساء الرائدات اقتصاديًا، وذلك من خلال تقديم برامج تعرِّف المجتمع على قصص نجاح النساء، واستضافة سيدات أعمال ناجحات لمشاركة تجاربهنّ وتحدياتهنّ، وكيفية تقديم حلول عملية لدعمهنّ”.
وتتابع نسيبة: “أيضًا للإذاعة دور مهمّ في عمل حوارات مفتوحة مع سيدات أعمال ناجحات لمشاركة تجاربهنّ، وتقديم النصائح للنساء الطامحات، كذلك تنفيذ تقارير ميدانية من أماكن عمل النساء الرائدات، لإظهار إسهاماتهنّ في مختلف القطاعات الاقتصادية”.
وسائل الإعلام ودورها في كسر النظرة النمطية
تقول نسيبة: “تسهم الإذاعة في تغيير النظرة المجتمعية تجاه دور المرأة في الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال كسر الصور النمطية عن دور المرأة في المجتمع، عبر إبراز إنجازات النساء الرائدات في مختلف المجالات، وتشجيع النساء على المشاركة في العمل الاقتصادي، وعرض قصص نجاح ملهمة للمجتمع، بالإضافة إلى تعزيز أهمية دعم ريادة الأعمال النسائية، من خلال تقديم نصائح عملية وإرشادات قانونية وإدارية للنساء الراغبات في بدء مشاريعهنّ الخاصة”.
وعن دور الصحافة في تسليط الضوء على أهمية دعم سيدات الأعمال اليمنيات، أشار الصحفي وليد التميمي إلى دور الصحافة في تسليط الضوء على رائدات الأعمال، عبر إبراز بصمات النساء الرائدات اقتصاديًّا، من خلال إشهار تجاربهنّ بالحوارات الصحفية، ومواكبة أخبار مشاركاتهنّ في المحافل الداخلية والخارجية، والجوائز التي يحصلنَ عليها، حتى يصبحنَ قدوة لغيرهنّ من النساء الطامحات.
وأكمل التميمي: “أنّ اقتحام النساء مجال المال والأعمال بمشروعات مختلفة أسهم في تعزيز مكانتهنّ اقتصاديًّا في المجتمع، وحتى تترك رسالتهنّ صدًى في المجتمع، يفترض أن تخصص الصحافة أبوابًا ثابتة لسرد قصصهنّ وتقديمهنّ للجمهور من زوايا مختلفة تكسر المألوف، من بينها الربط بين استقرارهنّ الأسري ونجاحهنّ المهني، وعدم تأثير أعمالهنّ وإنجازاتهنّ في حياتهنّ الخاصة، ودور شريكها الرجل في تحقيق أحلامها وإسنادها خطوة بخطوة”.
من جانب آخر يقول الصحفي يحيى العكوري: “لم تولِ الصحافة اليمنية اهتمامًا بارزًا بالدور الذي لعبته المرأة في المجال الاقتصادي، إلَّا من بعض قصص النجاح التي تحققها بعض النسوة عبر المشاريع الصغيرة؛ إذ يتم تناولها باستحياء في الصحافة الإلكترونية الأهلية لملء فراغ، أو حسب مشروع إعلامي معين، فيما الصحافة الرسمية لم تولِ ذلك المجال أي اهتمام، كما أنّ هناك مساحة لا بأس بها تهتم بهذا المجال، خاصة في صحافة المنظمات، سواء داخلية أو خارجية، لكنها تبالغ في تناولها لقضايا المرأة وفق محددات وسياسات تعمل عليها”.
وأوضح الأستاذ مصطفى نصر -صحفي ورئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي- أنّ الصحافة تلعب دورًا مهمًّا في دعم رائدات الأعمال في اليمن، من خلال التعريف بسيدات الأعمال ومشاريعهنّ الريادية للجمهور المستفيد، وكذلك التوعية المجتمعية عبر عرض التحديات والمعوقات التي تواجه سيدات الأعمال في تنفيذ مشارعهنّ التجارية المؤثرة، وذلك من أجل معرفة كيفية مواجهتها والعمل على تهيئة البيئة الملائمة لتنفيذ المشروع.
وبما يتعلق بقطاع التلفزيون، يعدُّ ذا أهمية بالغة في دعم نجاحات سيدات الأعمال اليمنيات وتجاربهنّ؛ إذ تقول الإعلامية أحلام عبدالله (خريجة إذاعة وتلفزيون، جامعة الأندلس): “إنّ التلفزيون له دور محوريّ في إبراز رائدات الأعمال العاملات في مختلف المجالات الاقتصادية، من خلال عرض تجاربهنّ وقصصهنّ عن طريق المقابلات والتقارير التلفزيونية؛ ليصبحنَ قدوة لغيرهنّ من النساء اللواتي يرِدنَ أن يكون لديهنّ مشاريع تنموية تعزز من دورهنّ في الاقتصاد اليمني”.
تتابع أحلام: “أن سيدات الأعمال دورهنّ كبير في التمكين الاقتصادي للنساء، وما تقوم به وسائل الإعلام بشكل عام والتلفزيون بشكل خاص إبراز دورهنّ الإيجابي في المجتمع”.
التأثير الإيجابي لوسائل الإعلام على المجتمع
أوضحت نسيبة أنّ التأثير على الرأي العام، من خلال نشر الوعي حول أهمية تمكين النساء اقتصاديًّا عبر وسائل الإعلام المختلفة، يُسهم في تغيير النظرة المجتمعية النمطية تجاه دور المرأة بشكل عام، ودعم مشاركتها في القوى العاملة، كما أنّ تقديم قصص نجاح ملهمة في مختلف المجالات يساعد النساء الأخريات على السعي لتحقيق أحلامهنّ، وكسر الحواجز التي تمنعهنّ من المشاركة في العمل الاقتصادي.
كما يشير مصطفى نصر إلى أنّ استعراض قصص النجاح لسيدات الأعمال اليمنيات، خاصة في مثل هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلد – يشجع الأخريات على خوض غمار المشاريع الخاصة، وهنا يأتي دور الصحافة في رفع الوعي المجتمعي بأهمية عمل النساء ومشاركتهنّ في التنمية، ومواجهة المعوقات التي تواجه مشاركتهنّ في التنمية الاقتصادية.
من جانبه بيّن الصحفي العكوري أنّ الصحافة اليمنية يجب أن تسلِّط الضوء على دور المرأة اقتصاديًّا؛ لما له من تأثير إيجابي على المجتمع والاقتصاد الوطني، عبر التركيز على أهمية تشجيع النساء للانخراط بسوق العمل والمشاركة الفعّالة في تحسين الوضع الاقتصادي، سواء من خلال المشاريع الخاصة، أكانت صغيرة أم كبيرة، أو من خلال مشاركة النساء مع الرجال في تولي أعمال متعلقة بالجانب الاقتصادي.
التحديات التي تواجهها وسائل الإعلام
أشارت نسيبة إلى أهم التحديات التي تواجه الإذاعة عند تسليط الضوء على سيدات الأعمال، فالتحديات جمّة؛ منها قلة البرامج المخصصة للنساء الرائدات اقتصاديًّا، خاصة في الوقت الراهن بسبب ظروف الصراع، وسياسة البرامج الاذاعية؛ إذ لا يوجد عدد كافٍ من البرامج التي تُركز على تسليط الضوء على إنجازات النساء الرائدات.
وأضافت: “كذلك الصعوبة في الوصول إلى النساء الرائدات في بعض المناطق اليمنية، خاصة النائية أو الريفية، كما تواجه الإذاعة صعوبة في الحصول على تمويل لإنتاج برامج عالية الجودة حول تمكين النساء اقتصاديًّا”.
أمّا من جانب الصحافة، يقول الصحفي يحيى العكوري: “هناك صعوبات أمام الصحافة في تسليط الضوء على المرأة اليمنية، أبرزها انشغال الصحافة بالأحداث السياسية والأمنية وجوانب الصراع، وتخصيص جزء كبير من أولوياتها في تنفيذ سياسة الممول، وهنا المعضلة الكبرى”.
وتابع العكوري حديثه حول التحديات قائلًا: “إنّ الصحافة حاليًا لا تعمل وفق حاجة المجتمع وقضاياه بصورة أساسية ومباشرة، وإنما بوجهة نظر الجهة الداعمة، حتى وإن تناولت بعض الجوانب المتعلقة بالمرأة سواء اقتصاديًّا أو اجتماعيًّا فهي تركز عليها من زاوية السياسة المرسومة لها، وهنا تكون الصحافة قد أحجمت عن القيام بواجبها بالشكل المطلوب، ولا يمكن الحديث عن معالجة قضايا أو تناول جوانب تتعلق بالمرأة أو حتى الرجل من عدة أوجه إلا بوجود صحافة مستقلة”.
وفي السياق ذاته، يقول مصطفى نصر:
“هناك تحديات تواجه الإعلام في تسليط الضوء على سيدات الأعمال وتمكينهنّ اقتصاديًّا، تتمثل في عدم القدرة على الوصول إلى النساء الرائدات اقتصاديًّا؛ بسبب الخوف أو التداعيات الأمنية في مناطق مختلفة، وهذا مرتبط أيضًا بعدم وجود حاضنات كافية لهذه الأعمال؛ كون معظم الأعمال مسجلة باسم رجال”.
معالجات مقترحة
اختتمت نسيبة يوسف (كاتبة وصانعة محتوى) حديثها حول المعالجات قائلة: “على الإذاعة التعاون مع المنظمات النسائية لتحديد النساء الرائدات، وتقديم قصصهنّ للجمهور بشكل كبير ومؤثر، والعمل على استخدام التكنولوجيا الحديثة، مثل البث عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى جمهور أوسع، كما يمكن للإذاعة البحث عن تمويل من جهات مانحة مهتمة بدعم تمكين النساء اقتصاديًّا”.
هناك تقارير صحفية تؤكد أهمية تحسين وضع الإعلام اليمني في تسليط الضوء على سيدات الأعمال، وذلك عبر زيادة التغطية الإخبارية لسيدات الأعمال اليمنيات، ومناقشة تجاربهنّ وتحدياتهنّ وإنجازاتهنّ في مختلف القطاعات، وتقديم الدعم والتمويل للصحفيات لتغطية الأحداث المتعلقة بالاقتصاد والمرأة، والاستفادة من منصات التواصل الاجتماعي في نشر كل ما هو جديد لسيدات الأعمال، والتواصل مع الجمهور والمشاركة لتبادل التجارب والتعلم من بعضهنّ.