المرأة في التنمية والسلامأفراح بورجي

أصبح العنف ضد المرأة يشكّل خطرًا على النساء في المجتمع اليمني، الأمر الذي أدّى إلى ظهور مؤسسات ومبادرات نسوية تقوم بدعم المرأة التي تعرضت للعنف اجتماعيًّا ونفسيًّا واقتصاديًّا، وتعمل على تسليط الضوء على ظاهرة العنف التي أصبحت شائعة في المجتمع بصورة مقلقة، ومعالجتها بالتعاون مع مختلف الجهات المعنية.

بهذا الخصوص تقول أمة الله عبد الله (رئيسة مبادرة (فور هير)): “إنّ المرأة اليمنية لديها دور فعّال ومؤثّر في الحدِّ من ظاهرة العنف، بعدّها أكثر فئة لها فهم أعمق للتداعيات التي يفرزها العنف الممارس ضدها، وبالتالي لها دورها الفعّال في تقديم خدمة الدعم النفسي والاستشارات الأسرية والقانونية والتوجيهية، عن طريق متخصصين في مجال التوعية، وحملات المناصرة، والحملات الإلكترونية، والنزول الميداني، وعرض قصص نجاح لنساء”.

ويقول المهندس محمد قحران (المدير التنفيذي لمؤسسة كل البنات للتنمية): “إنّ للمرأة دورًا كبيرًا في معالجة ظاهرة العنف ضدها؛ إذ تتجلى المسؤولية الواقعة على عاتقها في معالجة هذه الظاهرة في التوعية الشاملة التي تقوم بها المرأة؛ سواء في العمل أو الأماكن العامة أو في البيت أو حيثما توجد المرأة، كما أنّ لها دورًا أكبر في معرفة الدور الذي يقع على عاتقها في الإبلاغ عن أيّ عنف تتعرض له في جميع المجالات”.

وقال المدير التنفيذي لمؤسسة كل البنات للتنمية: “إنّ المؤسسة لعبت دورًا كبيرًا في معالجة كثير من قضايا العنف؛ إذ عملت على إنشاء قسم الحماية في المؤسسة لاستقبال جميع الحالات التي تتعرض للعنف ومعالجتها والإسهام في حل مشاكلها”.

وفي السياق ذاته تؤكد داليا قاسم (المدير التنفيذي لمؤسسة بنات الحديدة) على أهمية دور المرأة في معالجة ظاهرة العنف ضدها، وضرورة عدم التهاون مع أيّ شكل من أشكال العنف، مهما كان بسيطًا، والعمل على توعية النساء بحقوقهنّ، وفهم ما يشكل عنفًا ضدهنّ. مشددة على أهمية عدم السكوت عن أيِّ سلوك عنيف أو مسيء.

وتوضح داليا قاسم دور مؤسسة بنات الحديدة في معالجة ظاهرة العنف ضد المرأة، قائلة: “نسعى إلى رفع الوعي بحقوق المرأة، ومناهضة العنف ضدَّها، من خلال برامج توعوية مختلفة”.

وأضافت منى بشير (من مؤسسة الأسرة السعيدة): “أنّ المرأة تعدّ كيانًا عظيمًا جدًّا وأساسيًّا في المجتمع، فقد كرّمها الإسلام وسنَّ لها حقوقها في أن تُصان وتُحترم؛ إذ إنّ المرأة قادرة على التصدّي للعنف ضدّها؛ عن طريق تثقيف نفسها في الأمور الدينية والقانونية التي شرعها الإسلام لها، وأن تكون ذات قرار إيجابي في حياتها ومع أسرتها”.

وتكمل مُنى بشير: “أنّ دور منظمات المجتمع المدني ومكوناته النسائية يكمن في تعزير صمود المرأة في عملية السّلام والتوعية المجتمعية عن أضرار العنف وأشكاله والحد من الوقوع فيه، والمخاطر المترتبة عليه على المستوى المعيشي للفرد أو الأسرة، مثل التفكك الأسري، والآثار النفسية المترتبة على المعنفة”.

تقول مودّة قدار (المدير التنفيذي لمؤسسة وجود للأمن الإنساني): “إنّ المؤسسة سعت إلى الاهتمام والتركيز على قضايا العنف ضد المرأة، عبر تنفيذ العديد من مشاريع الأنشطة الطوعية والممولة؛ منها بصورة منفردة من قبل المؤسسة، أو من خلال العمل التشاركي مع الشركاء المحليين، ومن ذلك ائتلاف أصوات النساء، ومن أمثلة ذلك إحياء اليوم العالمي، وتنفيذ حملة 16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة”.

وتضيف قدار: “نفذت المؤسسة عددًا من الأنشطة؛ منها الدعوة إلى حق المرأة في منح جنسيتها لأبنائها، كما شاركت في إعداد تقرير الائتلاف المدني النسوي الحقوقي CARF لمتابعة مستوى تنفيذ اتّفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز CEDAW؛ إذ إنّ المؤسسة عضوة في الحملة العالمية للمساواة في حقوق الجنسية، وشاركت في تقرير خاص مع الحملة وتقديمه للجنة الأمم المتحدة المعنية باتفاقية CEDAW”.

التحديات

تقول أمة الله عبد الله: “هناك تحديات جمّة تقف أمام المبادرات وبعض المؤسسات للقيام بدورها في التصدي لظاهرة العنف ضد المرأة، منها قلة التمويل والوساطة والمحسوبية، إلى جانب ضعف التنسيق بين الجهات المعنية؛ إذ تُعمَل مشاريع تمكين للنساء، وتُستهدَف المرأة في عدة مشاريع؛ ومع ذلك هناك نساء أكثر عنفًا يستقصينَ من تلك المشاريع”.

أمّا من جانب مُنى بشير (من مؤسسة الأسرة السعيدة) فتشير إلى أهمِّ التحديات التي تقف عائقًا أمام معالجة ظاهرة العنف ضد المرأة؛ منها تعليم الفتاة، وزواج القاصرات، وثقافة المرأة، وعدم معرفتها بحقوقها التي سنَّها لها الدين الإسلامي، وكذلك قلة الوعي، والحالة الاقتصادية الصعبة التي يمرُّ بها المجتمع اليمني، وأخيرًا العادات والتقاليد والأعراف المعقدة والمقيِّدة لحقوق المرأة.

وفي السياق نفسه، تذكر داليا قاسم أنّ من ضمن التحديات عدم تقبُّل المجتمع نفسه للشيء الذي تقوم به المرأة في أيّ مجال تقوم به؛ إذ يرفض المجتمع وجود المرأة في المؤسسات والقيادات النسائية، أو في أيّ برامج تتعلق برفع الوعي للمرأة، الأمر الذي يشكل عائقًا أمام المجتمع الذكوري.

وتضيف قائلة: “عندما كنّا ننفذ نزولًا ميدانيًّا من أجل القيام بعملية التوعية ضد ظاهرة العنف الذي يمارس على المرأة، قُمنا بزيارة بعض النساء المتضررات، لكن لم نستطع تقديم المساعدة لهنّ؛ بسبب وجود أبيها أو أخيها أو زوجها، الذي كان يرفض التوعية وتغيير ما تعودوا عليه منذ عقود، الأمر الذي يعدُّ انتهاكًا لحقوق المرأة التي تحتاج إلى معرفة حقوقها المطلوبة وكيفية المطالبة بها، وهذا الأمر سبَّبَ مشكلة في عدم القدرة على التأثير والتوعية”.

المعالجات

ومن أجل القيام بحلول تُسهم في التخفيف من وطأة العنف القائم على المرأة، والعمل على التصدّي لهذه الظاهرة، تقول أمة الله عبد الله: “لا بُدَّ من إيجاد تشريعات تُسهم في تعزيز حماية النساء، وتفعيل القوانين؛ خصوصًا المادة 313 لحماية النساء من الابتزاز الإلكتروني، والعمل المشترك في عملية تعزيز التوعية والتثقيف، ودعم المبادرات النسوية العاملة في الميدان، بجانب ذلك التنسيق بين المنظمات النسوية والجهات المانحة لتوفير الدعم والحماية للنساء”.

أمّا داليا قاسم فتؤكد أهمية تكثيف البرامج التوعوية التي تُسهم في رفع الوعي المجتمعي، والتواصل مع الجهات المعنية التي تساعد في رفع العنف عن المرأة، وإيجاد برامج بديلة تساعدها بشكل أكبر في أن تعتمد على نفسها، وتعزز من دورها المهم في المجتمع.

وأضافت مودة قدار: “أّن هناك العديد من المعالجات التي يمكن اتخاذها للحدّ من ظاهرة العنف ضد المرأة، وبعض الإجراءات الرئيسية التي يمكن اتّخاذها، وتتمثل في وضع تشريعات قوية تساعد في مكافحة العنف ضد المرأة، وضمان تنفيذها بشكل فعّال، كما ينبغي أن تشمل هذه التشريعات حماية النساء من جميع أشكال العنف، بما في ذلك العنف الأسري، والاغتصاب، والعنف في أماكن العمل، ووضع آليات فعّالة لتقديم العدالة والحماية للنساء المتضررات”.

كما بيّنت أهمية زيادة الوعي والتثقيف حول مشكلة العنف ضد المرأة، من خلال توعية الجمهور بأضرار العنف، وتنفيذ حملات إعلامية وبرامج تثقيفية في المدارس والجامعات والمجتمعات، وتوفير المزيد من الموارد والخدمات للنساء المتضررات من العنف؛ يشمل: إنشاء أماكن آمنة، ومراكز استشارة، ودعم نفسي وقانوني تكون متاحة بشكل ملائم ومحايد ومجاني، والعمل على تعزيز المساواة بين الجنسين، وتغيير الثقافة التي قد تعزز العنف ضد المرأة، مثل القيم والمعتقدات الجذرية التي تبرر العنف، والعمل على تعزيز التعاون والشراكة بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والأفراد لمكافحة العنف ضد المرأة، وتطبيق السياسات، وتقديم الدعم والمساعدة للنساء المتضررات.

you might also like