المرأة في التنمية والسلام – أفراح بورجي

تشكل المرأة عنصرًا أساسيًّا في المجتمع؛ فهي الأم، والزوجة، والأخت والابنة، وهنّ أكثر شريحة في المجتمع تضرّرًا، خاصة في ظل استمرار الصراعات وتداعياتها، التي تشكّل بيئة خصبة لانتشار العنف بأشكال متعددة، الأمر الذي جعل من وسائل الإعلام المختلفة؛ المرئية، والمسموعة والمقروءة، تلعب دورًا مهمًّا في تسلط الضوء على قضايا المرأة، من خلال تنفيذ برامج إعلامية يُقدَّم فيها الدعم للمرأة المعنفة، عبر طرح المشكلة والحلول والمعالجات، وكتابة قصص لنماذج نساء أثبتنَ وجودهنّ رغم التحديات، ولم يستسلمنَ للمجتمع الذي يأبى أن تقوم المرأة بالدفاع عن حقوقها المنتهكة.

دور التلفزيون وقضايا المرأة

يقول محمد عيضة (صحفي في قناتي العربية والحدث): “إنّ التلفزيون المحلي بشقّيه العام والخاص له دور في تسليط الضوء على قضايا المرأة بأشكال مختلفة، وكان دوره مهمًّا وإيجابيًّا؛ كونه أحد أبرز الوسائل الأسرع تأثيرًا على المجتمع والرأي العام، خاصة حول قضايا العنف الممارس ضد المرأة”.

ويتابع عيضة: “أنّ المرأة اليمنية أصبحت في الوقت الحالي تتعرض لأنواع مختلفة من العنف نتيجة استمرار الصراع، الأمر الذي أثّر على طرح وسائل الإعلام المرئية في قضايا المرأة؛ إذ أصبح التلفزيون لا يتمتع بحرية طرح الرسالة الكاملة بخصوص قضايا المرأة، وذلك نتيجة المعتقد الديني والعادات والتقاليد والأعراف، التي أصبحت كقوانين صارمة تعنف المرأة وتضعها في خانة العار، ومن العيب التحدث عنها بشكل واضح أمام الرأي العام”.

وأضاف محمد عيضة: “أنّ هناك نظرة قاصرة للمرأة من قبل الأسرة والمجتمع قيدتها اجتماعيًّا واقتصاديًّا ونفسيًّا، وانعكست على دور التلفزيون؛ وإن كان هناك دور في هذا الجانب قد يكون خفيفًا من قبل التلفزيون العربي والعالمي؛ إذ خصص مساحة متواضعة لبعض القضايا التي تخرج عن نطاق الواقع؛ بسبب الفضاء المفتوح، وانتشار وسائل الاتصال المرئي وتعددها”.

ومن جانب آخر يقول الصحفي محمود العتمي: “بشكل عام تعرضتِ المرأة اليمنية منذ قبل الصراع وإلى الآن إلى أشكال متنوعة من العنف والحرمان. وإنّ القوانين نفسها في البلد تعنّف المرأة بدل إعطائها حقوقها المطلوبة، وإن أعطتها فإنّ بعض البنود في كل أجهزة الدولة وأجهزة القضاء والمجتمع والقبيلة ترفض تطبيق تلك القوانين وتسلبها حقَّها”.

ويوضح محمود قائلًا: “إنّ دور التلفزيون أساسًا يعد مثله مثل أي وسيلة إعلامية أخرى، وُجدت لمناقشة قضايا المجتمع والتطرق لها، وإيجاد الحلول عبر مختصين ومعنيين، ولكن بعض وسائل الإعلام اليمنية، وخاصة التلفزيون، ما زالت غائبة عن تسليط الضوء على قضايا المرأة المعنفة، كما أنّ معظم تلك الوسائل تفتقد لوجود الجانب النسائي مثلها مثل كل دوائر القرار في البلد”.

كما يُشير إلى أنّ المرأة اليمنية ما زالت غائبة عن كل مفاصل الدولة سواء سياسية أو قضائية، وأيضًا في التلفزيون الرسمي، الذي من المفترض تكون المرأة حاضرة فيه، خاصة في قيادة تلك الوسائل أكانت صحافة أو إذاعة، فغيابها شكّل فارقًا وأوجد سببًا لغياب قضايا المرأة في هذه الوسائل.

وبيَّن بأنّ أكثر شريحة تضرّرت من الصراع خلال النزاع المسلح تعدُّ المرأة؛ كونها فقدت زوجها وولدها وأبيها وأخيها، وما زالت تعاني الأمرين من تداعيات الصراع، وتعد الخاسر الكبير والضحية الأبرز، كما أنها تتعرض لعنف كبير وظلم في عدم إيصال صوتها والاستماع لقضاياها، والعمل لمعالجة هذه الظاهرة التي تفشت بقوة في المجتمع اليمني.

دور الصحافة

يقول الصحفي فتحي بن لزرق (رئيس تحرير موقع عدن الغد): “إنّ مع تزايد ظروف العنف المحيطة بالمواطن اليمني بشكل عام والمرأة بشكل خاص خلال سنوات الصراع التي مضت، أعتقد أنّه حان أو ربما يجب تعزيز دور الصحافة فيما يخص الدفاع عن قضايا المرأة المعنفة”.

ويكمل: “هناك كثير من الظروف المحيطة خلال السنوات الماضية جعلت المرأة أكثر اضطهادًا؛ وذلك بسبب ظروف الصراع، وغياب المساواة والاهتمام الحكومي بقضايا المرأة، وكذلك ضعف التشريعات القانونية، ودور السلطات المحلية”.

ويوضح أنّه مع ظهور كيانات سياسية موازية للدولة في عموم المحافظات اليمنية في مثل هذه الظروف، فاقمت من حالة العنف ضد المرأة، أساسًا كانت موجودة في الظروف الطبيعية قبل الصراع، الأمر الذي جعل من الصحافة الوسيلة الثانية أو ربما الأولى في ظل غياب الوسائل الأولى الحكومية في تسليط الضوء على قضايا المرأة والدفاع عنها.

وأردف بن لزرق قائلًا: “الصحافة تستطيع أن تدافع عن قضايا المرأة بدرجة كبيرة، عبر التركيز على ما تتعرض له المرأة المعنفة من اضطهاد وحرمان وغياب المساواة، وبالتالي دور الصحافة اليوم ربما يكون الأكبر وأكثر احتياجًا من دورها في ظل الظروف الطبيعية الحاصلة”.

ويذكر أنّ مجال الصحافة والإعلام بأشكاله وأنواعه كافة سواء أكانت مقروءة أم مسموعة أو مرئية يستطيع أن يناصر المرأة عبر تسليط الضوء على قضايا المعنفات، وإبراز حجم الضرر الظاهر عليهنّ، والتوعية بأهمية مناصرة قضايا المرأة المعنفة إعلاميًا للضغط على السلطات المعنية في اليمن لمعالجة الظاهرة.

ومن أجل وقف حالة الانتهاكات يعبّر فتحي بن لزرق قائلًا: “لا بُدَّ من الضغط على المنظمات المحلية والدولية في تقديم الحلول والمعالجات للضحايا من النساء، عبر مناقشتها إعلاميًّا وطرحها بشكل واقعي للرأي العام، والأهم من ذلك العمل المشترك لوقف حالة الانتهاك، وإعطاء الحقوق لهنّ، لذا يكمن دور الصحافة في جعل مثل هذه القضايا قضايا رأي عام تنتهي بتحرك حكومي ينهي حالة الاضطهاد”.

دور الاذاعة

المذيعة ملاك رشاد تبيّن أنّ الإذاعات تسلط الضوء على قضايا العنف بأنواعه ضد المرأة، وتقوم على نشر الوعي وتشجيع المجتمع على التحرك لمواجهة الانتهاك، عبر تنفيذ برامج توعوية ومقابلات مع خبراء وناجيات تركز على التحديات والحاجة إلى دعم المتضررات.

وفي السياق ذاته تضيف أشرقت إبراهيم (معدة ومقدمة برامج إذاعية، ومديرة البرامج السابقة لراديو “لنا”): “أنّه ما زال هناك فجوة متسعة في تغطية قضايا المرأة التي تحتاج إلى توعية وجهد أكبر، ومن المهم أن يركز الراديو على نساء الأرياف اللواتي أغلبهم يعانينَ من عدم المعرفة بأبسط حقوقهم، ويكُنّ عرضة للعنف والحرمان، كمنعهم من الإرث كأبسط مثال”.

وتتابع أشرقت: “أنّ الإذاعة دائمًا توجد في الأوساط المحلية، ولها القدرة على التأثير وإيصال الرسالة بشكل أوسع وأضمن، كما أنّها تركز على بناء ثقافة النساء لحقوقهنّ قبل أن تقوم بتوعية المكونات التي حولهنّ”.

تعزيز الجندر ودور التلفزيون والإذاعة

ذكر محمد عيضة سابقًا بأنّ دور التلفزيون مهمٌّ وإيجابي، ويعدُّ الوسيلة العامة لشرائح المجتمع كافة في تنوير المجتمع وتثقيفه وتوعيته، عبر البرامج الهادفة التي تكرس ثقافة التعامل مع المرأة بما يحفظ لها مكانتها وحقوقها، وأهمية دورها في بناء المجتمع ثقافيًا واجتماعيًا بعيدًا عن التعصب والتشدد ضدَّها.

ومن جانبها تقول أشرقت إبراهيم: “يمكن أن تبدأ المساواة من الداخل، وأن تبقى على مساحة واحدة من الجميع فيما يخص توظيف العاملين والعاملات، وتوزيع الأجور حسب الجهد والخبرة، وليس حسب الجندر”.

أمّا محمود العتمي فأكّد على ضرورة العمل المشترك في أن تُعطى المرأة حقوقها الأساسية والبسيطة التي كفل لها الشرع والقانون. وأنّ الظلم الذي يحصل للمرأة في اليمن يجعلها تعود للوراء بدل أن تتقدم، فالعالم الخارجي كونه يقوم بحماية المرأة ودعمها يعد في تقدم دائم، ولكن في اليمن ما زالت تتعرض المرأة لأشكال مختلفة من العنف؛ إذ إنّ المجتمع غير قادر على استيعاب ما يحدث من انتهاكات ضد المرأة، لهذا لا يمكن أن نتحدث عن المساواة بالوظيفة أو غيرها أو عن الجندر، في حين العنف ضدها قائم بشكل مخيف.

وتقول ملاك رشاد: “تلعب الإذاعة دورًا حيويًّا في تعزيز المساواة بين الجنسين، من خلال بث برامج توعية تستهدف فهم القضايا الجندرية وتقديرها، كما يمكن أن تشمل البرامج محادثات ومشاركات مجتمعية حول حقوق المرأة والرجل، والتحديات التي تواجهها في مجالات مختلفة، بالإضافة إلى تعزيز مفهوم الشراكة بين الجنسين، كل هذه تعزّز جهود وعي المجتمع، وتُسهم في خلق بيئة أكثر تكافؤًا وعدالة.

التحديات والصعوبات

الصحفي محمد عيضة يوضح أنّ هناك تحديات تتمثل في التوجهات العامة للوسيلة التي لا تمنح المرأة مساحة من فضائها، والقناعات والأفكار الثابتة التي تحملها الإدارات القائمة على وسائل التلفزيون، والقيود الدينية والمجتمعية، وعدم إتاحة الفرص الكافية للمرأة للظهور أو المشاركة عبر وسيلة التلفاز بكل راحة، والعمل على التقليل من دور المرأة في هذا الجانب وحصره بشكل كبير على المجتمع الذكوري.

أمّا الصحفي فتحي بن لزرق فيذكر من جانبه أهم التحديات التي تواجه الصحافة في تغطية قضايا المرأة المعنفة؛ إذ أشار إلى أنّ الصحافة أصبحت منشغلة بتغذية الشارع بسبب ظروف الصراع وما يدور حوله، أو بالانحياز لأحد أطراف النزاع، وبالتالي أصبحت قضايا المرأة من نظر الصحافة هامشية في حين هي جوهرية.

وعبرت أشرقت عن رأيها؛ إذ تقول: “إنّ الحديث عن مناصرة قضايا المرأة ودعمها أصبح منتشرًا إلى حد كبير، وبإمكان تناول القضايا الخاصة بهنّ بتشعب؛ من خلال الاستعانة بمراكز البحوث والمؤسسات التي تعمل لأجلهنّ، لكن قد يجد الصحفيون أو الصحفيات صعوبة في إجراء المقابلات مع الضحايا (الحالات الخاصة في المواضع الحساسة بهنّ).

المعالجات

لكل قضية حل، هكذا بدأ محمد عيضة حديثه حول المعالجات في وسيلة التلفزيون لقضية العنف ضد المرأة، وأشار إلى أنّ المعالجات كثيرة تتمثل في إتاحة الفرص الكافية للمرأة في المشاركة والعمل في التلفزيون، وكسر القواعد التي تحول بين المرأة ودورها في هذا المجال، وتكثيف عمليات التدريب والتأهيل للمرأة في كيفية تسليط الضوء، وطرح قضايا المرأة في وسائل الإعلام، وتخصيص مساحات أكثر في التلفزيون تناقش قضايا المرأة، وكيفية حمايتها من الانتهاك والتعنيف.

كما تقول أشرقت إبراهيم: “من المهم أن تبقى هناك شراكة دائمة بين المؤسسات الإعلامية والمؤسسات القائمة على مناصرة قضايا المرأة؛ لتزويدهم بكل المعلومات والأرقام والحالات التي يحتاجونها لتدعيم رسائلهم الإعلامية لنجاح الهدف الذي تسعى له المؤسستان”.

من جانبه أضاف محمود العتمي: “أنه يجب على التلفزيون أن يناصر وينصف قضايا المرأة بشكل عام، ويعمل على إيجاد الحلول قبل طرح القضايا، وأنّ التلفزيون بدرجة أساسية وُجد لمناقشة الحلول لقضايا المجتمع وإيجادها، وتعزيز تطبيق الحلول، التي تعدُّ من المهام والأهداف لوجود التلفزيون ووسائل الإعلام المختلفة”.

you might also like