المرأة في التنمية والسلام – حنين الوحش

تواجه النساء اليمنيات ظروفًا صعبة ليس أقلها ما راكمه عقد من تداعيات النزاع المسلح، وليس أكثرها العنف الأسري المتوارث منذ أزمنة مديدة؛ إذ تشير تقارير أممية إلى أنّ اليمن لا يزال الأسوأ لعيش النساء في العالم مع تنامي نسب العنف القائم على النوع الاجتماعي الجسدي واللفظي والنفسي والجنسي والاجتماعي والاقتصادي، كما يعيش البلد منذ عقد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وأدرج في عام 2017م كأسوأ مكان في العالم بالنسبة للمرأة.

صور العنف

الصحفية والناشطة الحقوقية وداد البدوي قالت: “إنّ أبرز صور العنف ضد المرأة هو العنف الديني؛ كالتحريض الذي تتعرض له النساء خصوصًا العاملات في المجتمع المدني والناشطات والحقوقيات”.

وأضافت “أنّ هناك صورًا أخرى للعنف الممارس ضد المرأة، أبرزه التهميش والإقصاء من المراكز القيادية في السلطات، كما أنّ التنمر على وسائل التواصل الاجتماعي يعد أحد أكثر أنواع العنف شيوعًا في العصر الحالي، دون أن ننسى تعطيل القوانين، وعدم تمكينها من حقوقها، وتحمل مسؤوليات الصراع، على الرّغم أنّها لم تكن صانعة النزاع، بل صانعة سلام”.

وتُعيد البدوي ارتفاع نسب العنف الأسري ضد المرأة إلى الصراع المسلح؛ إذ تقول: “يتعامل الرجل اليمني بكبرياء مع ما يواجه من مشكلات مجتمعية يومية؛ كعدم حصوله على فرصة عمل، أو تعرض راتبه الوظيفي للسلب، لهذا يكون المنزل هو الوسيلة الوحيدة لاستفراغ غضبه عبر فرد العضلات على النساء”. وتؤكّد أنّ هذه أحد أبرز مسببات العنف بأشكاله المتنوعة، وتنامي نسبة الطلاق.

المرأة وحدها

“المرأة وحدها في مواجهة العنف الأسري” كانت هذه الإجابة الأكثر حضورًا لدى الناشطين ردًّا على استطلاع أثرنا خلاله هذا التساؤل؛ هل تعلم شيئًا عن تدخلات تهدف إلى مواجهة العنف الأسري ضد المرأة؟

الزعم المجتمعي تفنده الدكتورة شفيقة الوحش) رئيس اللجنة الوطنية للمرأة)؛ إذ ترى أنّ كثيرًا من المنظمات بالتنسيق مع اللجنة الوطنية للمرأة، تبنّت تنفيذ برامج وأنشطة تكافح العنف الأسري المسلط على المرأة.

وقالت: “إنّ اللجنة الوطنية للمرأة تمتلك عددًا من الشركاء الذين يعملون على جانبين؛ الجانب التوعوي والتأهيل النفسي، والجانب المادي عبر تقديم مشاريع داعمة للنساء الناجيات من العنف الاجتماعي”.

ورغم ذلك، تشير تقارير دولية إلى وجود تراجع في اهتمام العديد من المستجيبين لتنفيذ تدخلات العنف القائم على النوع الاجتماعي؛ بسبب المخاطر والصعوبات المرتبطة بهذه التدخلات.

تحديات المواجهة

وتشير الصحفية والناشطة الحقوقية وداد البدوي إلى عدد من التحديات التي تواجه التدخلات الرامية للحد من الانتهاكات ضد المرأة؛ أبرزها: غياب البرلمان الذي يعيش حالة عطل؛ فمنذ بدء الصراع في البلاد والحكومة غير قادرة على الوصول لمختلف الشرائح لتعدد السلطات، وعدم وجود مؤسسات دولة قائمة وفاعلة في هذا الجانب، باعتبار الأجهزة الرسمية المعنية بصياغة اللوائح والقوانين والتشريعات فيما يتعلق بالحد من العنف ضد النساء.

وتوصي المجتمع المدني بعدم التوقف عن أنشطته وتدخلاته في الحد من هذه الظواهر، وتسليط الضوء عليها، وعمل تغييرات ومعالجات جذرية إذا ما سمح لها، كما تؤكد أنّ هناك أبعادًا كثيرة لتنفيذ تدخلات من هذا النوع، ودعم عملية السّلام داخل الأسرة والمجتمع، والحفاظ على كرامة المرأة.

وتعود لتؤكد أنّ المجتمع المدني قادر على إحداث تغيير إيجابي إذا ما عمل بشكل جاد وواعٍ، وبما لا يخالف التقاليد والعادات والدين، وبما لا يضرّ بالإنسانية وبالكرامة، ويحفظ إنسانية الجميع رجالًا ونساء.

تدخلات المجتمع المدني

وتزامنَ يوم المرأة العالمي 8 مارس مع إطلاق عدد من المنظمات المحلية والدولية تدخلات وأنشطة تهدف إلى تحجيم الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة اليمنية، وكان من أبرز تلك البرامج ما أطلقه اتّحاد نساء اليمن في عدن مؤخرًا، من برنامج يحمل شعار “لست وحدي”، ويتكون من عدد من الحلقات التوعوية حول الخدمات القضائية والقوانين المدنية الخاصة بالنساء في الدستور اليمني، بتمويل منظمة البحث عن أرضية مشتركة عالمية.

وبحسب القائمين على المشروع فقد شمل عدة مراحل، بدءًا من بناء قدرات أكثر من 100 امرأة معنفة في مجال التوعية والتثقيف القانوني والحقوقي، وتعريفهنّ بالقوانين المحلية والدولية التي تكفل حقوقهنّ ضد من يمارس عليهنّ العنف.

وفي فبراير الماضي أقام مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي عبر تقنية الاتصال المرئي (زوم) برنامجًا تدريبيًّا حول تدقيق المعلومات ومكافحة التضليل في قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي في اليمن، البرنامج ينظمه المركز بالتعاون مع عدد من الشبكات والمنصات الإعلامية المتخصصة بقضايا النساء في اليمن.

ويهدف البرنامج، إلى إكساب 60 صحفيًّا وصحفية مهارات التحقق وتدقيق المعلومات ومكافحة التضليل في قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، وذلك ضمن مشروع تعزيز أصوات النساء؛ من خلال الإعلام الذي ينفذه المركز في عشر محافظات يمنية، ويهدف إلى تمكين الصحفيين وبناء قدراتهم؛ للإسهام الفعّال في الخطاب الإعلامي في اليمن، وإنتاج محتوى صحفي خالٍ من الزيف والتضليل، ويسلط الضوء على قصص النساء والانتهاكات التي يتعرضنَ لها.

وفي مديرية المخا، محافظة تعز، تتبنى منظمة (ديم) تنفيذ مشروع يهدف إلى إعادة تأهيل النساء المعنّفات نفسيًّا، إلى جانب تمكينهنّ من عدة مشاريع خاصة عبر إقامة دورات تدريبية في الخياطة والتطريز، مع تقديم مكائن خياطة في نهاية كلّ دورة.

كما أحيت اللجنة الوطنية للمرأة بالشراكة مع هيئات الأمم المتحدة (UN WOMEN-UNDP –UNFPA- OHCHR) اليوم العالمي للمرأة الثامن من مارس، تحت شعار “الاستثمار في النساء لتسريع التقدم والتنمية”، بمشاركة عدد من الجهات والدوائر والهيئات الحكومية، وممثلي هيئات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والنساء، وكُرّمت عدد من القيادات النسوية من مختلف المجالات الداعمة لقضايا المرأة في اليمن.