المرأة في التنمية والسلام – علياء محمد
يعد العنف ضد المرأة من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا في العالم؛ إذ يشكل ظاهرة متجذرة في معظم المجتمعات، وما تزال صوره وأنواعه تختلف بين المجتمعات، بما في ذلك اليمن التي تعاني من تفاقم هذه الظاهرة؛ نتيجة الصراعات المستمرة والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المعقدة.
تواجه النساء في اليمن أنواعًا مختلفة من العنف؛ الأمر الذي يعوِّق تقدمها ويهدد سلامتها وكرامتها. ويشير انتشار العنف في اليمن إلى خلل في القيم المجتمعية وأعرافه وقوانينه ومؤسساته المختلفة؛ إذ يرى العديد من أفراد المجتمع أن العنف الممارس ضد المرأة أمًرا عاديًا، فيما يرى بعضهم أنه سلوك عنيف غير مقبول يؤثر على صحة المرأة جسديًا ونفسيًا ويفقدها الشعور بالأمن والاستقرار، وينعكس على دورها في المجتمع.
تدين ألطاف سويد -ناشطة مجتمعية- العنف الممارس ضد المرأة بكل أشكاله وأنواعه، وترفضه بشكل قاطع؛ إذ إن المرأة في اليمن تعاني من صعوبات جمة في مواجهة العنف الممارس ضدها، وتتعرض لانتهاكات كبيرة وتمييز بسبب جنسها وبسبب ضعف القوانين والتشريعات، وانتشار العادات والتقاليد البالية التي تقلل من شأنها وتشرع للتمييز ضدها.
وأضافت أن العنف ضد المرأة يعد جزءًا من نظام اجتماعي يميز بين الجنسين، ويحدث في مختلف الثقافات والمجتمعات، كما أنه يفرض دورًا تقليديًا على النساء ويسيطر عليهن وينتهك حقوقهن ويمس كرامتهن؛ مما يؤدي إلى تقييد حريتهن وتعرضهن لمخاطر كبيرة، صحية ونفسية، تنعكس سلبيًا على حياتهن اليومية والأسرية، ويسلبهن حق المشاركة الفعالة في المجتمع.
وأشارت إلى أن العنف ضد المرأة في اليمن يأخذ أشكالًا مختلفة، مثل العنف البدني والنفسي والتحرش الجنسي والعنف الأسري، وأن تعزيز وعي المرأة وتعليمها وتمكينها من دورها في المجتمع تعد من أهم الخطوات للحد من العنف ضدها.
ومن جانبها أوضحت الإعلامية فرح قائد أن العنف ضد المرأة يُمارس في كثير من البلدان والأماكن في العالم، لكن في اليمن ما يزال بعضهم يعتقد أن مفهوم العنف التقليدي يقتصر على الاعتداءات الجسدية فقط.
وقد يتم ممارسة العنف في أماكن ينبغي أن تكون آمنة؛ إذ يعد العنف الوظيفي ضد المرأة أحد الظواهر السلبية التي تعاني منها العديد من النساء في اليمن. ولا تخلو بيئات العمل من التحديات والصعوبات؛ إذ يتنوع العنف بين التحرش والتمييز وتحمل ساعات عمل طويلة ورواتب ضئيلة.
كما أوضحت أن ظاهرة العنف الوظيفي ضد المرأة تعد من الظواهر المدمرة التي تؤثر على التنمية الاقتصادية. مطالبةً بوضع تشريعات وسياسات من قبل الجهات الرسمية والقطاعات الخاصة لحماية حقوق المرأة في أماكن العمل، إضافة إلى تشجيع النساء على الإبلاغ عن أي حالة تعرضن فيها للعنف، والعمل على زيادة الوعي بأهمية مكافحة العنف الوظيفي.
وقد أشارت إسراء عوض -طالبة في قسم علم الاجتماع- إلى أن الزواج المبكر والحرمان من التعليم يعدان من أبرز أنواع العنف انتشارًا ضد المرأة في العديد من المحافظات اليمنية، وتقول: “تعد اليمن من أكثر الدول التي تواجه تحديات كبيرة في مجال التعليم وحقوق المرأة، كونها كائنًا ضعيفًا”.
ويُعد الحرمان من التعليم في اليمن والزواج المبكر من أبرز المشاكل التي تعاني منها النساء نتيجة للظروف التي تمر بها البلاد؛ فقد أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وأرغمت الكثير من الأسر على تزويج بناتهم وحرمانهن من التعليم.
وتشير إسراء في حديثها إلى أن الزواج المبكر، ودون موافقة الفتاة، يعرضها لمخاطر صحية واجتماعية ونفسية جمة، ويحرمها من حصولها على حقها في المعرفة والتعليم والتطوير؛ الأمر الذي يؤثر تأثيرًا سلبيًا على تمكينها وتطوير مهاراتها وتحقيق طموحاتها.
كما أضافت أنه يجب العمل جميعًا على مكافحة كل أشكال العنف، عبر تنفيذ خطط وآليات لضمان حقوق المرأة في الحصول على التعليم والمشاركة الكاملة في المجتمع، من خلال توعية المجتمع وتغيير سلوكياته ومعتقداته ضد أشكال العنف التي تواجهها المرأة في المجتمع اليمني.
كما أشارت منال محمد -مُدَّرسة- إلى أن المرأة تعد عنصرًا أساسيًا في بناء المجتمع. ولا يمكن تحقيق أي تنمية أو تطوير في المجتمع إلا عن طريق تحقيق العدالة والمساواة وحماية حقوق المرأة، ولن يتم ذلك إلا بتكاتف جميع فئات المجتمع وأولهم الرجل الذي يلعب دورًا كبيرًا في تغيير ممارسته السلوكية؛ لتجنب جميع أشكال العنف ضد المرأة، وتقديم مواقف إيجابية تجاه دعم حقوق المرأة وكرامتها، والمشاركة في حملات التوعية حول حقوق المرأة التي تعد مسؤولية الجميع، رجالًا ونساًء.
وأفادت تسنيم توفيق -طالبة جامعية- أن قضية العنف ضد المرأة تعد من أكثر القضايا التي تثير جدلًا في المجتمع اليمني، خاصة في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها بلادنا من كل النواحي الحياتية؛ فهناك الكثير من فئات المجتمع يرون أن العنف ضد المرأة أمرًا عاديًا وجزءًا من التقاليد والثقافة اليمنية.
وأشارت إلى أن هذه الفئات تعاني من الجهل بحقوق المرأة ومكانتها في المجتمع، وهذا ما يجب على المجتمع أن يتخلص منه ومن نظرته القاصرة تجاه العنف ضد المرأة، وأن يغير من الثقافة التي تبرر القيام به، عن طريق زيادة نسبة الوعي من خلال الحملات والمشاريع الثقافية، وتشجيع النساء على البوح عن أي عنف تتعرض له.
وحول أهم الحلول التي تكافح مظاهر العنف ضد المرأة في المجتمع اليمني تقول ألطاف سويد: “مكافحة العنف ضد المرأة يتطلب جهودًا مشتركة ومستمرة من جميع الجهات المعنية، من خلال تبني إستراتيجيات وطنية شاملة وفعالة تعزز بناء مجتمع يحترم حقوق المرأة ويعمل على تحقيق المساواة بين الجنسين، بالشراكة مع المنظمات المحلية والدولية الداعمة”.
كما أوضحت أن عملية القضاء على أشكال العنف ضد المرأة لن تتم إلا عبر التشديد بدور القوانين وتطبقيها بشكل صارم وفعلي، خاصة على مرتكبي العنف ضد النساء. ويجب أن تقدم الجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدني خدمات الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني لضحايا العنف من النساء، إضافة إلى رفع نسبة الوعي في المجتمع، وتعزيز مكانة المرأة ودورها في كل مناحي الحياة المجتمعية، وتمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا وتشجيعها على المشاركة السياسية.