المرأة في التنمية والسلام – ياسمين عبدالحفيظ

 

تواجه النساء في اليمن معركة مزدوجة ضد العنف؛ ففي حين يُشكل الصراع الدائر عبئًا هائلاً على حياتهن، تفاقِمُ العادات والتقاليد من معاناتهن وتسلبهن حقوقهن وحريتهن وسلامتهن. كما يؤدي الصراع إلى تزايد الفقر والبطالة في أوساط المجتمع، مما زاد من الضغوط على النساء وجعلهن أكثر عرضة للعنف.

لم تستطع سماح علي (اسم مستعار) أن ترفض قرار والدها في تزوجيها أبن عمها الذي يكبرها بعشر سنوات، وفي أقل من شهر زُفَّت وانتقلت إلى مدينة أخرى للعيش مع زوجها الذي وعدها بأن تكمل تعليمها بحسب شرطها قبل عقد الزواج.

واجهت سماح، التي تبلغ من العمر 12 عامًا، أنواعًا مختلفة من العنف جسديًا ونفسيًا، ولم تستطع إكمال تعليمها الذي كانت ترسم من خلاله مستقبلها وأحلامها، ولم تكن لتعيش حياة زوجية مستقرة كما أخبرها والدها الذي أراد تزويجها للحصول على جزء من مهرها.

تقول سماح: “لم أكن أحلم بأي شيء سوى أن أكمل دراستي وألتحق بالجامعة وأختار تخصصًا مناسبًا لأستطيع العمل من أجل أسرتي ومستقبلي، لكن أبي لم يكن صادقًا معي، ولم يشجعني أو يقف بجانب أهدافي لتحقيقها”.

وتضيف: “تزوجت من رجل يضربني كل يوم، يبحث عن سبب ليهينني ويشتمني ويذلني، دومًا يغلق باب المنزل قبل خروجه، ولا يعود إلا بعد مرور وقت طويل، ويمنعني من التواصل مع أهلي، ولا يجلس معي ولا ينام بجواري وكأنه تزوجني ليعذبني”.

إيمان أحمد (اسم مستعار) تعد هي الأخرى امرأة واجهت العنف بأشكالٍ مختلفة؛ فهي الفتاة الوحيدة بين ستة ذكور، توفي زوجها ومعها ثلاثة أطفال، ورفض أشقاؤها منحها نصيبها من الميراث، وقد طالبت كثيرًا بحقها لكن دون فائدة، حتى بعد أن تدخل أقارب لها في حل مشكلتها، لكن العادات والتقاليد في أسرتها تمنع إعطاء الإناث الميراث، ويرون أن الذكور وحدهم من يملكون الحق في ذلك.

وتقول إيمان: “بعدما توفى زوجي أصبحت بلا معيل، ووصمة العار تلاحقني؛ لأنني أعيش في مجتمع لا يرحم. واجهت صعوبة في تأمين سكن آمن لي ولأولادي بعدما أُخرِجْتُ من منزل والدي. ولأني وحيدة تعرضت للعديد من المضايقات من قبل بعض الأشخاص، مثل التخويف في وقت متأخر، والتحرش برمي أوراق مسجل عليها أرقام هواتفهم، وإسماعي كلمات مستفزة كلما خرجت من المنزل أو عدته إليه. لقد شعرت بالخوف وعدم الأمان، ولتجنب ذلك كنت أظل في المنزل أوقاتًا طويلة حتى لا أتعرض لأي تحرش في مجتمع ينظر للمرأة التي تعيش بدون محرم على أنها ”سهلة“ ومعرضة للاعتداء”.

قصة أمل لا تختلف عن قصة إيمان وسماح؛ فقد رفض والدها الذهاب إلى قسم الشرطة لتقديم شكوى ضد زوجها الذي يعتدي عليها بالضرب باستمرار، أو حتى تكليف محامٍ؛ لأنّ ذلك في نظره يشجع بقية الفتيات في العائلة على التمرد على أزواجهنّ.

تقول إحدى الجيران (رفضت الإفصاح عن اسمها): “كان زوجها يعتدي عليها بالضرب بمجرد أن تقع في أي خطأ، أو حتى عندما يزعجه أحد، أو عاد من عمله منزعجًا، أو تشاجر مع أهله في المنزل، وذلك منذ أن تزوجا حتى الآن، ولا يهمه الوقت إن كان متأخرًا، كثير من الجيران تحدثوا معه بخصوص ما يقوم به من اعتداء على زوجته، لكنه رفض التحدث معهم، ومنعهم من مناقشته بخصوص مشاكله مع أسرته”.

وتتابع: “حاول مرة خنقها؛ لأنّها تأخرت في فتح الباب، كان حينها الوقت فجرًا، شعرنا بالذعر، وكذلك أطفالنا، بعدما أيقظنا صوتها وهي تصرخ، حاول زوجي أن يناديه ويترجاه أن يتركها، لكنه أغلق النافذة وأخذها إلى غرفة أخرى وقام بضربها، وذلك اتّضح من صوتها”.

 

 

حول الأبعاد الاجتماعية للعنف الاجتماعي ضد المرأة تقول ريهام محمد الرداعي -مختصة اجتماعية-: “للعنف ضد المرأة أبعاد وعواقب كثيرة على المجتمع بشكل عام، وليس على المرأة فقط؛ إذ إن الجهل من أهم أسبابه، وله وجهان: جهل المُعَنِّف، وجهل المُعنَّف، أي أن المرأة ليست مسلحة بالتعليم والثقافة والوعي لتواجه به هذا العنف، بل إنها تتقبله كأنه واقع حتمي يجب عليها تحمله”.

وأضافت: “إن الفهم الخاطئ للدين وتعاليمه، وغياب مؤسسات التثقيف المجتمعي والقانوني، بالإضافة إلى التسلط الذكوري المدعوم بعادات وتقاليد مغلوطة، جميعها تعد أيضًا من أهم أسباب العنف”. وترى أنه يجب سن قوانين تضمن إلزامية تعليم الفتيات، والقضاء على الزواج المبكر، ونشر الوعي بحقوق المرأة في المؤسسات التعليمية خاصة في المناهج الدراسية.

 

توسع دائرة العنف في أوساط النساء

ساعدت العادات والتقاليد في توسع دائرة العنف في أوساط النساء والفتيات في اليمن، وذلك منذ زمن بعيد، لا سيّما في المناطق التي ما زالت المرأة مغيبة في العملية التعليمية، وينتشر فيها الجهل، الذي ساعد في عدم معرفتها بحقوقها وكيفية الدفاع عن نفسها، ولم تدرك كيف تؤدي العادات والتقاليد في غرس ثقافة العنف في أوساط النساء والفتيات، اللواتي هنّ الشريحة الأكثر تضررًا من الأعراف وثقافة العيب.

وهذا ما أكدته أمة الله عبد الله (ناشطة حقوقية) إذ قالت: ” أدّت العادات والتقاليد الخاطئة في توسيع العنف ضد المرأة، وعززت من مبدأ حق الرجل في السيطرة والتحكم بها، ممّا جعل العنف مبررًا من قبل الرجل”.

وتتابع: “من الأعراف المجتمعية منع المرأة من الخروج أو العمل باعتقاد أنّ مكانها وعملها في المنزل ولا يحق لها غير ذلك، والأمر الذي زاد من مظاهر العنف ضدها اضطرارها على السكوت وتقبل الواقع تجنبًا للعنف والضرب الذي يُفهم في المجتمع بأنّه بسبب العار أو العيب”.

 

ثقافة العيب

تتمثل معاناة صفية منصور (اسم مستعار) في عدم السّماح لها بزيارة طبيب نفسي خوفًا من نظرة المجتمع لها، الذي يرى أنّ المرأة التي تذهب لمراكز علاج المرضى النفسيين مجنونة وفيها مسٌّ، وليست مناسبة للارتباط وتكوين عائلة.

تعيش صفية في إحدى الأرياف اليمنية في محافظة تعز، التي تعاني من عدم توفر الخدمات الصحية من المرافق الصحية، وهي من أسرة محافظة ارتبط تفكير أفرادها بثقافة المكان الذي ينتشر به الجهل، ويعاني أفرادها الحرمان من التعليم.

تقول صفية: “أشعر بضيق باستمرار وخوف بلا سبب، وأحيانًا أفكر بأن أبحث عن طريقة سهلة للموت، وأشعر برغبة في البكاء، وبكثير من الأعراض؛ إذ عشت في طفولتي كثيرًا من المخاوف، منها تشاجر والديَّ باستمرار، اللذينِ كانا غير متفقينِ، ودائمًا كانت أمي تذهب منزل جدي بعدما يقوم أبي بضربها وطردها من البيت، وكنت أذهب بإخوتي إلى الغرف السفلية من المنزل”.

وتتابع: “بدأت أشعر بكثير من الأعراض منذ ذلك الحين، وأحس أن صحتي تدهورت بشكل كبير، فأخبرت أخي بما أشعر، وطلبت منه أن يرافقني بالسفر إلى المدينة وزيارة طبيب نفسي إلا أنه رفض، وكذلك والدي”.

مشيرة إلى إنّ أهلها طلبوا منها عدم تكرار طلبها، خاصة أنّهم يعيشون في الريف، وأهله ينظرون للفتاة المريضة نفسيًا على أنّها غير سويّة، وقد تتحدث مع نفسها، أو تهرب من المنزل، أو تتصرف أيّ تصرف دون وعيها، وذلك قد يمنع الشباب من خطبتها أو مجالسة الفتيات لها، وقد تعاني كثيرًا من تعامل الناس معها.

يقول عيبان محمد السامعي -باحث متخصص في علم الاجتماع-: “التنشئة الاجتماعية الأسرية تقوم على أساس التمييز بين الجنسين؛ فغالبًا ما يُمنح الطفل الذكر اهتمامًا خاصًا، ويُزرع في عقله أنه رجل الأسرة القادم، ويعطى مساحة كبيرة من الاستقلالية والحركة، في حين تُحرم الأنثى من كل ذلك”.

ويتابع: “تُنشَّأ الطفلة منذ نعومة أظفارها على القيام بالأعمال المنزلية وخدمة أفراد الأسرة، وطوال مراحل حياتها تحاصر بثقافة العيب، ويتم تلقينها على أنها رمز العفة وعنوان الشرف، ويقع على عاتقها الحفاظ على سمعة العائلة، ويتم تكوين شخصية الأنثى على أداء أدوار جندرية مشتقة من طبيعة النظام الأبوي السائد الذي يستند على عادات وتقاليد قاهرة”.

ويواصل حديثه: “تتعاون هذه العادات والتقاليد، التي تولد العنف ضد المرأة، مع الخطاب الديني الذكوري، فينتج عنها عنف ضد المرأة، يتحكم بتفاصيل حياتها ابتداءً من شكل لباسها وطريقته، وصولاً إلى مسألة انخراطها في العمل ومشاركتها في خدمة المجتمع. ويمارس على النساء في اليمن عنف يظهر من خلال الحياة اليومية؛ إذ توصف المرأة بكل الصفات السلبية المنتقصة، ومنها تسميتها  ”مكلف“ أو ”حرمة“”.

ويضيف: “ولا يقف الأمر عند هذا المستوى، بل تحتشد الأمثال الشعبية بجملة من المواقف المتحيزة ضد المرأة التي تمتهن إنسانيتها وتلصق بها الصفات السيئة، مثل ”ما للمرة إلا الزواج وإلا القبر“ وغيرها الكثير”.

ويرى السامعي أن النظام التعليمي الحالي في اليمن يؤدي في الغالب إلى ممارسة العنف ضد المرأة من خلال المناهج التعليمية التي تحصرها في أدوار نمطية، كالزوجة والأم وربة البيت التي تقوم برعاية الأطفال وخدمة أفراد العائلة والأعمال المنزلية والزراعية، وتُستبعد المرأة العاملة، أو الطبيبة، أو المهندسة، أو الموظفة.

ويشير إلى أن هناك الكثير من النصوص والمواد القانونية التي تهدر حقوق المرأة وتكرس تبعيتها للرجل، مثل المادتين (12) و(13) من قانون الجرائم والعقوبات الذي يشرعن جرائم العنف المنزلي و”جرائم الشرف”.

 

أبرز العادات والتقاليد التي تضطهد المرأة

تشير لبنى القدسي (محامية وناشطة حقوقية) إلى أنّ هناك عادات وتقاليد تضطهد المرأة في اليمن وتمنعها من المطالبة بحقها، منها الإجبار على الزواج، وزواج الشغار أو البدل، والزواج المبكر، وعدم المطالبة بالميراث، والسكوت على العنف الجسدي في حالة تعرضت للضرب أو الأذى اللفظي من قبل زوجها أو أحد أفراد عائلتها، أو في حالة تعرضها للتحرش والاغتصاب، بالإضافة إلى منعها من اللجوء إلى المحاكم والجهات الأمنية للمطالبة بحقوقها؛ لأنه يعدُّ عيبًا حسب المعتقدات الاجتماعية.

وتضيف: “أنّ بعض العادات والتقاليد في مناطق مختلفة تمنع من مشاركة المرأة في إعطاء رأيها، خاصة في أمور المنزل، الأمر يعدُّ عيبًا، وأنّ القرار الأول والأخير للرجل؛ إذ إنها لا تشارك رأيها في الموافقة على الزوج، أو في تربية الأبناء، ولا في اختيار الأسماء، ولا فيما يتعلق بحياتها، كما أنّها تجبر على الزواج من أحد الأقارب خوفًا من أن يخرج الميراث إلى خارج العائلة”.

من جانبها ترى فوزية درهم المريسي (مديرة الدائرة الاجتماعية الصحية باتحاد نساء اليمن) أنّ هناك عادات وتقاليد تضطهد المرأة وتولد ثقافة العنف عليها، تتمثل في عدم إعطائها الحق في أخذ نصيبها من الميراث، وتمييز الذكر عن الأنثى في أغلب مجالات الحياة، وأنّ أخطاء الفتاة لا تغتفر، في حين الرجال عكس ذلك، وأنهنَّ خُلقنَ للخدمة وعمل المنزل فقط، ولا يُسمح لهنّ بالخروج والعمل، حتى على مستوى اختيار الشريك والتحكم بمظهرها وغيرها من مظاهر العادات والتقاليد التي تقيد المرأة”.

 

أنواع العنف الاجتماعي

يعرف الأكاديمي عبدالكريم غانم -باحث في علم الاجتماع- العنف الاجتماعي الممارس ضد المرأة بأنه يتسم بالتمييز القائم على النوع الاجتماعي، فيطال المرأة أو الفتاة لمجرد أنها أنثى، ويترتب عليه أذى أو معاناة جسدية أو جنسية أو نفسية، ومصادرة كلية أو جزئية للحقوق والحريات التي يفترض أن تتمتع بها المرأة أسوة بالرجل.

ويصنف غانم العنف الاجتماعي إلى أشكال عدة، ومنها العنف الجسدي؛ إذ تتعرض المرأة أو الفتاة للعنف المتمثل بالضرب بمختلف درجاته بدءًا من الصفع وصولًا إلى التسبب بعاهات مستديمة، وفي حالات نادرة قد يصل إلى مستوى القتل، كما هو الحال فيما يسمى بـ”جرائم الشرف”. فلا حدود للعنف المنزلي، سواء كانت الأنثى بنتًا أو أختًا أو زوجة، إذ لا يجرم المجتمع استخدام العنف ضد المرأة في المنزل؛ الأمر الذي يعطي الأحقية للذكور في ممارسة العنف ضد النساء والفتيات بدون حدود”.

والنوع الثاني من العنف الاجتماعي هو العنف اللفظي، ويعرفه غانم بأنه إطلاق الشتائم والكلمات المسيئة على المرأة، وتوبيخها والتقليل من شأنها، سواء كان ذلك داخل الأسرة وأمام أولادها، أو في الشارع على مرأى ومسمع من الناس.

وهناك العنف النفسي الذي يتعرض له الشخص دون أن يكون بمقدوره دفعه أو مواجهته جسديًا أو ماديًا أو قانونيًا، ومن المتوقع أن يتحول إلى مرض نفسي أو عقلي يصعب الشفاء منه.

ويتطرق غانم إلى العنف الاقتصادي الذي ينجم عن عجز المرأة عن الاستقلال المالي؛ ففي أغلب الحالات لا تتمكن المرأة المتزوجة في مجتمعنا من الخروج إلى العمل وكسب الرزق، وقلما تنال المرأة -كأخت- نصيبها من تركة الأب أو الأم أو غيرهم؛ الأمر يجعلها خاضعة لسلطة الذكور من المهد إلى اللحد، فلا تنعم سوى بما يتفضل به الذكور عليها، على الرغم من أنها تبذل الجهد الجبار في أوقات الصراع والأزمات.

عن أسباب العنف الاجتماعي يقول غانم: “تعد الثقافة الذكورية التي تكرس التمييز بين الذكور والإناث أهم العوامل التي تعمل على إعادة إنتاج العنف القائم على النوع الاجتماعي. وهذه الثقافة متعلقة بالمفاهيم الدينية الخاطئة، كالقول إن المرأة ناقصة عقل ودين، وأنها خُلقت من ضلع أعوج”.

ويضيف في حديثه: “الثقافة الذكورية والقيم القبَلَية تمجد الذكور في المجتمع اليمني، باعتبارهم المدافع عن الأسرة والقبيلة في مجتمع تقليدي لا يوجد فيه دور بارز للدولة القادرة على تحقيق الأمن، والقيام بوظيفة الدفاع عن المجتمع؛ لذا يلاحظ ارتفاع ظاهرة العنف القائم على النوع الاجتماعي”.

ويقول غانم: “من نتائج العنف إعادة ترسيخ القمع والاستبداد داخل الأسرة والمجتمع ككل، فالعنف الذي تتعرض له الزوجة على سبيل المثال، سينعكس على شكل عنف مضاد تمارسه ضد الأبناء؛ الأمر الذي يترتب عليه وجود جيل خاضع وخانع، غير قادر على الدفاع عن حقوقه وأداء واجباته”.

الآثار المترتبة للعادات على المرأة

أوضح راشد البكالي (معلم وناشط مجتمعي) أنّ المجتمع بطبيعة الحال يخضع لقيود ونمط معين يجعله يتمسك بالعادات والتقاليد، حتى وإن كانت خاطئة، ولها نتائج سلبية وبها إجحاف، خاصة بحق المرأة؛ الأمر الذي يجعلها مضطرة إلى القبول بتلك الضغوطات التي تُمارس في حقها، وتخضع لها خوفًا من نظرة المجتمع.

وأوضحت فوزية درهم المريسي أنّ هناك آثارًا سلبية تترتب على معظم العادات والتقاليد التي ولدت ثقافة العنف في أوساط النساء، كتزايد أعداد النساء المعرضات لأمراض نفسية وعصبية وحالات الاكتئاب، وانتقاد الذات، وضعف الشخصية، والعناد، إلى جانب رفضها الواقع والنظرة السوداوية لحياتها، وعدم الرّضا في جعلها تحت الوصاية بشكل دائم في كل شيء يخص حياتها.

وترى أنّه لا بُدَّ من العمل المجتمعي على توعية النساء بحقوقهنّ، وأن تُكمل دراستها، وأن تشارك في الفعاليات التدريبية، لا سيّما التي تكسب المرأة حِرفًا تجعل منها امرأة قادرة على إعالة نفسها، وتحقق لها الاستقلال المادي؛ إذ إنّ الاكتفاء الاقتصادي مهمٌّ جدًّا لهنّ، بالإضافة إلى التوعية بأهمية الاستعانة بالمساحات الآمنة والمراكز النسوية التي تخدم النساء في مختلف الجوانب التوعوية والنفسية والاجتماعية والصحية والثقافية، وتمكنها من تطوير قدراتها وذاتها.

كما تشير بهية السقاف (رئيسة مؤسسة PASS سلام لمجتمعات مستدامة) إلى أنّ المرأة اليمنية تعيش في واقع صعب ومقيد، وتعاني من التهميش والإقصاء بدءًا من التعليم والعمل، ووصولًا إلى المشاركة السياسية، كما تواجه المرأة خطر العنف الجسدي والنفسي، سواء من قبل أفراد العائلة أو من قبل المجتمع.

وتضيف في حديثها لصحيفة “المرأة في التنمية والسلام” أنّ العادات والتقاليد المتوارثة تلعب دورًا كبيرًا في إقصاء المرأة اليمنية وتعرضها للعنف، فبعض من العادات تعزز من مفهوم “الذكورية” وتقلل من شأن المرأة وأهميتها في المجتمع، ممّا يؤدي إلى شعورها بالدونية وعدم الثقة بالنفس”.

كما توضح أنّ ما تواجهه النساء والفتيات في اليمن من عنف واضطهاد كان نتيجة العادات والتقاليد المتوارثة، مثل زواج القاصرات؛ إذ تُجبَر بعض الفتيات على الزواج في سنٍّ مبكر، ممّا يحرمهنّ من التعليم والفرص، وختان الفتيات الذي يؤدي إلى مخاطر صحية ونفسية خطيرة، إلى جانب الطلاق التعسفي الذي يعطي الحق للرجل أن يطلق زوجته دون الحاجة إلى مبرر قانوني، كما تعاني العديد من النساء من العنف الجسدي والنفسي من قبل أزواجهنّ أو أفراد عائلاتهنّ.

وتشير السقاف في حديثها إلى مجموعة من المقترحات التي تساعد النساء والفتيات في إحداث تغيير يساعدهنّ في تجاوز العنف الممارس ضدهنّ نتيجة العادات والتقاليد، منها: نشر الوعي حول حقوق المرأة من خلال التوعية بمخاطر العادات والتقاليد الضارة، وتشجيع النساء على المطالبة بحقوقهنّ، والعمل على تغيير بعض القوانين، وسنّ قوانين تحمي النساء من العنف، وتعزّز من مشاركتها في مختلف المجالات، وإحداث تغيير جذري في تفكير المجتمع؛ من خلال تربية الأجيال الجديدة على ثقافة المساواة واحترام حقوق المرأة، والعمل مع الجهات المجتمعية والحكومية كافة على تغيير واقع المرأة اليمنية وتحريرها من قيود العادات والتقاليد الضارة.

you might also like