علياء محمدالمرأة في التنمية والسلام

 

تعد المؤسسات الحكومية من أهم القطاعات الفعالة في اليمن؛ نظرًا لما تقدمه من دور حيوي في تقديم الخدمات الأساسية لكل أفراد المجتمع. ويعد تمكين المرأة وتعزيز دورها في المؤسسات الحكومية، وفي سوق العمل بصورة عامة، أمرًا حاسمًا لتحقيق التنمية المستدامة.

وفي السنوات الأخيرة، شهدنا زيادة واضحة في دعم المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني للنساء العاملات في المؤسسات الحكومية؛ وذلك بهدف تعزيز التنمية المستدامة، وتحقيق المساواة بين الجنسين.

وبرز دور هذه المنظمات في توفير الفرص المتساوية للنساء، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لهن، وهذا ما سيتم التطرق له في تقريرنا الصحفي حول دور المنظمات في دعم النساء اليمنيات العاملات في المؤسسات الحكومية.

 

تغيير الواقع وتحقيق التقدم

تسهم المنظمات الدولية، ومنظمات المجتمع المدني في اليمن، بشكل فعال في تغيير الواقع وتحقيق التقدم في مجال عمل المرأة، كما تهتم بإبراز دورها الأساسي في تعزيز فرص العمل للنساء في المؤسسات الحكومية، من خلال إعداد برامج تدريبية وتطويرية تهدف إلى تعزيز مهارات النساء، وتحسين فرصهن للترقية والتطور المهني. فعلى سبيل المثال، يمكن للمنظمات تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية في مجالات متنوعة، مثل القيادة والإدارة والتكنولوجيا، مما يساعد النساء على تطوير قدراتهن وزيادة فرصهن في الحصول على وظائف أعلى وأكثر تحديًا.

في العام 2023 نفذت منظمة الصحة العالمية مبادرة لتمكين العاملات الصحيات في اليمن، وكانت إحدى المبادرات التي دعت إلى المساواة بين الجنسين، والتصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي في ظل القيود المتزايدة على المرأة في اليمن.

ومن خلال مشروع رأس المال البشري الطارئ (EHCP)، الذي يدعمه البنك الدولي، استطاعت منظمة الصحة العالمية زيادة مشاركة العاملات بمجال الصحة، في أنشطة بناء القدرات والعمل الميداني، ومنحهن فرصًا للتعلم والمعرفة، كما أنه أسهم في وصول الخدمات الصحية الأساسية للنساء بشكل أفضل.

وفي العام نفسه، وقّع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) في اليمن، والوكالة الكورية للتعاون الدولي (KOICA) في جمهورية كوريا، اتفاقيةً لتمكين النساء المتخصصات في مجال العدالة؛ إذ عزَّز المشروع قدرة النساء العاملات في مجال سيادة القانون عن طريق تدريبات مكثفة ومشتركة مع الجانب الحكومي وشركاء المجتمع المدني، كما قدم مساحات مناسبة للمرأة في مؤسسات سيادة القانون كمراكز الشرطة. إضافة إلى ذلك، توسيع نطاق برامج التنمية في اليمن لمعالجة أوجه الضعف، مثل وصول النساء إلى العدالة، وتجاوز التدخلات الفورية والقصيرة الأجل.

وفي العام 2024، كونت مؤسسة (SOS) للتنمية شبكة خاصة للنساء العاملات في القطاع الحكومي، تهدف إلى تعزيز دور النساء الفعال في المجتمع، وبناء منصة تعاونية تُعلي من شأن العمل الذي يقمن به، وتسلط الضوء على القيمة الاجتماعية والاقتصادية لإسهاماتهن في المجتمع، إضافة إلى رفع مستوى الوعي لتحقيق التغيير الإيجابي فيه.

هذا، وتحرص الشبكة على توفير فرص التدريب والتطوير المهني للنساء، وإنشاء آليات لتوفير الدعم القانوني والاجتماعي في حالات الحاجة، بالإضافة إلى بناء شراكات مع ثلاثي التنمية لتعزيز الدعم والتعاون، والعمل على المناصرة والتأثير في السياسات؛ لتحقيق مزيد من العدالة والمساواة.

وضمن نشاط تعزيز قدرات النساء في دمج مبادئ الأمن البشري في أنشطة المرأة والسلام والأمن في محافظة عدن، نفذت اللجنة الوطنية للمرأة مشروع تدريب 100 امرأة في مجال بناء السلام بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة باليمن؛ إذ تناولت الدورات العديد من المواضيع حول القانون الدولي الإنساني، والقرار الأممي 1325 والقرارات اللاحقة له، وتضمن أربع دورات تدريبية مختلفة، استهدفت نساء عاملات في الوزارات والهيئات الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب والمكونات السياسية ومن ذوات الهمم.

 

تعزيز دور المرأة ومشاركتها

من الجوانب الأخرى التي تقوم بها المنظمات وتدعم بها النساء العاملات في القطاع الحكومي، تشجيع المشاركة السياسية للنساء في المؤسسات الحكومية، والعمل على تعزيز دورهن في صنع القرار، وتمثيلهن في المجالات السياسية والإدارية.

ويتم ذلك عن طريق تقديم الدعم والتدريب على المهارات القيادية، وتشجيع النساء على الترشح للمناصب الحكومية، والمشاركة في العمل السياسي. بالإضافة إلى ذلك، تسهم المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني في تحقيق المساواة بين الجنسين، وتعزيز الوعي بقضايا المرأة وحقوقها، من خلال تنفيذ حملات توعية تساعد على تغيير الثقافة والتوجهات الاجتماعية والتصورات النمطية بشأن دور المرأة في المجتمع، وفي العمل على وجه الخصوص. بالإضافة إلى تعزيز قبول المرأة وتقديرها كعنصر أساسي في بناء المجتمعات المزدهرة.

في سياق متصل، تقول لمياء عز -ناشطة مجتمعية-: “الدور الأساسي للمنظمات في دعم النساء العاملات في المؤسسات الحكومية يتجلى ويتمثل في وضع السياسات والبرامج والإستراتيجيات التي تهدف إلى تعزيز حقوق النساء في مكان العمل، وضمان المساواة في الفرص الوظيفية والترقيات والمكافآت، وتنظيم البرامج التدريبية وورش العمل التي تطور من مهاراتهن؛ لتعزيز فرصهن المهنية وزيادة مشاركتهن في صنع القرار”.

مؤكدة في حديثها أهمية توفير الدعم الشخصي والمهني للنساء العاملات في المؤسسات الحكومية، من خلال إقامة شبكات دعم ومنصات للتواصل وتبادل الخبرات، وهذا بدوره سيحقق التوازن الصحي بين الحياة العملية والشخصية.

وأضافت أنه يجب أن تقوم المنظمات الدولية والمحلية بعملية تقييم واسعة للأوضاع والظروف التي تمر به المرأة العاملة في القطاع الحكومي، ووفقًا لهذا التقييم سيتم تقديم الدعم اللازم. كما يمكن للمنظمات أن تقدم توصيات وتوجيهات للحكومات والمؤسسات الحكومية؛ لتعزيز الممارسات الأفضل للنساء العاملات، وتحقيق التغيير المستدام.

 

وحول أهم الخطط التطويرية الخاصة بدعم النساء العاملات في القطاع العام، تقول أحلام محمد قائد -إحدى الموظفات في دائرة حكومية-: “تعتمد المشاركة السياسية والقيادية للمرأة العاملة في القطاع الحكومي بشكل كبير على البرامج والسياسات التي تعزز المساواة في الفرص السياسية والقيادية، ويتطلب ذلك إجراء تغييرات في السياسات والقوانين، وإزالة أي تمييز أو عراقيل تواجه المرأة في سوق العمل”.

وأشارت في حديثها إلى أهمية تركيز هذه البرامج على ثقافة المساواة بين الجنسين، ومكافحة التمييز في مكان العمل، من خلال تعزيز دورها عن طريق رفع نسبة الوعي حول قضايا المساواة والتمييز، واتخاذ إجراءات للحد من أي شكل من أشكال التمييز الجنسي في بيئة العمل.

 

تحديات وصعوبات

مع تعقيدات الأوضاع الراهنة في اليمن، واجهت المنظمات العديد من التحديات والصعوبات التي حدت من كمية الدعم المقدم للنساء العاملات في القطاع العام. ويعد الصراع في اليمن، أحد أهم التحديات الرئيسية التي أثرت على عمل المنظمات في تقديم الدعم للنساء العاملات في المرافق الحكومية، بسبب الظروف الأمنية غير المستقرة، وتعقيدات الوضع السياسي التي عرقلت تنفيذ عدد من البرامج والمشاريع. إضافة إلى ذلك، عدم إيصال الكثير من المساعدات المقدمة من البرامج الدولية أو المحلية إلى المناطق النائية والمحرومة من الخدمات، بسبب الوضع الأمني الذي أعاق وصول المنظمات إلى النساء العاملات في تلك المناطق.

هذا وقد واجهت المنظمات التي تعمل في اليمن تحديات تمويلية كبيرة جعلتها غير قادرة على تنفيذ برامجَ ومشاريعَ تدعم النساء العاملات؛ الأمر الذي يتطلب جهدًا كبيرًا وتعاونًا مشتركًا من المنظمات الدولية والحكومة والمجتمع المحلي؛ للتغلب على هذه الصعوبات، والعمل على تحسين فرص المرأة في العمل وتنفيذ برامج التدريب والتنمية المهنية.

 

you might also like