هبة محمد – المرأة للتنمية والسلام
في ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها المجتمعات اليوم، أصبحت مشاركة المرأة في المجال الرياضي أمرًا ضروريًا لتعزيز التنمية المستدامة وتحقيق العدالة الاجتماعية. ودور المرأة في هذا القطاع لا يقتصر فقط على المجال الرياضي نفسه، بل يمتد إلى الجوانب الإدارية والاقتصادية المرتبطة به.
وتعد مشاركة المرأة في القطاع الرياضي من جوانب الإدارة والتسويق والتصوير وغيرها أمرًا حاسمًا لتعزيز الاقتصاد المحلي وتنميته. وبوصفها جزءًا من القوى العاملة تسهم المرأة في خلق فرص عمل جديدة، وتعزيز قطاع الخدمات والتجارة المرتبطة بها. بالإضافة إلى ذلك، تعزز مشاركة المرأة الاقتصاد المحلي من خلال زيادة الاستثمارات في المنشآت الرياضية وتطوير البنية التحتية المرتبطة بها.
المرأة والرياضة.. بوابة للاقتصاد الوطني
إن تمكين المرأة في المجال الرياضي ليس فقط مسألة عدالة اجتماعية، بل هو أيضًا استثمار استراتيجي في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاقتصاد المحلي، من خلال إشراك المرأة في القطاع وتوفير الفرص المتساوية لها، سنستطيع بناء مجتمعا أكثر تقدمًا وازدهارًا للجميع.
تقول الكابتن بدور المعملي: “تعد مشاركة المرأة في القطاع الرياضي أمرًا ذا أهمية بالغة من الناحية الاقتصادية، فالمرأة تلعب دورًا كبيرًا في تعزيز الاقتصاد من خلال اهتمامها بالأعمال المختلفة التي تعزز النمو الاقتصادي في اليمن، وهي تشغل الكثير من المهن المنتجة في مجال الرياضة”.
وتواصل: “مع ذلك، هناك عقبات قد تواجه المرأة في المجال الرياضي من الجانب الاقتصادي، وقد يكون عدم توفر المستلزمات الأساسية للرياضة وتوقف فرص الاستثمار، بالإضافة إلى قلة الاهتمام من قبل المسؤولين بتعزيز هذا المجال، من هذه العقبات. رغم ذاك، تعمل المرأة بجد أكثر من الرجال ولديها قدرة على العمل في مجالات متعددة وتنفيذ مشاريع منتجة”.
تؤكد المعملي أن لمشاركة المرأة في القطاع الرياضي تأثيرًا كبيرًا على الاقتصاد المحلي؛ باعتبارها منتجة. وهي تسهم المرأة في خلق فرص عمل جديدة لتعزيز النشاط الاقتصادي، وتعمل على تعزيز قطاع الخدمات الرياضية وتطوير البنية التحتية المرتبطة بها؛ وبالتالي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الازدهار الشامل.
وذكرت أن كلية التربية الرياضية في جامعة صنعاء تعمل حاليًا على تأهيل مدربات في المجال الرياضي، بهدف الاستفادة من خبراتهن في تدريب المنتخبات الوطنية وتأهيل اللاعبات في مختلف الألعاب. تقول: “إذا ما تحققت هذه الخطوة فإنها ستسهم بشكل فعال في رفع الاقتصاد المحلي والوطني، من خلال تأهيل المرأة في جميع المجالات، وهذا أمر جميل جدًا يعكس التقدم والتطور الاجتماعي في مجتمعنا.
من جانبها تشارك مدربة الرماية، الكابتن أمل مدهش، بالقول: “تشتمل مشاركة المرأة في القطاع الرياضي على أهمية كبيرة من الناحية الاقتصادية، لكن في الواقع العملي ما يزال تقبُّل المرأة في هذا المجال يعاني من التحديات الاجتماعية والتقاليد المتأصلة”.
وتكمل: “تشهد بقية البلدان اهتمامًا كبيرًا بمشاركة المرأة في القطاع الرياضي، باعتبارها أمرًا حاسمًا لتعزيز التنمية الاقتصادية؛ فتوفير الفرص والموارد اللازمة للمرأة للمشاركة في الرياضة يؤدي إلى تعزيز الاقتصاد المحلي وتحفيز النمو الاقتصادي، ومن ثمَّ فإن تعزيز دور المرأة في هذا القطاع يشكل استثمارًا حكيمًا يؤدي إلى تعزيز الاستدامة الاقتصادية على المدى الطويل”.
فيما تشارك الحديث الكابتن غدير الحكيمي بالقول: “حق المرأة في أخذ فرصتها وإثبات جدارتها في جميع القطاعات، وبخاصة القطاع الصحي الرياضي، يأتي نتيجة مهامها وتكوينها كأنثى وأم وزوجة، فأداء مهام الأمومة يعد من أصعب المهام؛ إذ تحتاج إلى قوة للحفاظ على نفسها حينما تكون زوجة وأم وابنة، والمرأة في المجتمع الشرقي تتحمل مسؤوليات تتطلب منها مجهودًا مضاعفًا مقارنة بالرجل. هذا هو الواقع المفروض علينا والعادات المتوارثة”.
وتكمل: “تستطيع المرأة أن تتولى القيادة داخل بيتها وخارجه، وتمارس مهامًا كبيرة أيضًا؛ فهي قادرة على خدمة المجتمع بتأثيرها الأكثر والأقوى في تربية أبنائها؛ إذ تعد الأم المدرسة التي يكون لها أكبر تأثير على أسرتها والمجتمع بأكمله، كلما استطاعت المرأة تحقيق إنجازات في جميع القطاعات بجانب الرجل، زادت من قدرتها على الإنتاج والابتكار، ونماء الاقتصاد وانخفضت نسبة الفقر”.
المرأة الرياضية والتنمية المستدامة
ترتبط علاقة التنمية المستدامة ومشاركة المرأة في الرياضة بشكل وثيق. وبلا شك هناك فائدة اقتصادية ملموسة عند استثمار الرياضة النسوية، فعندما تتمكن المرأة من المشاركة بشكل فعّال في هذا المجال، يترتب على ذلك عدة تأثيرات إيجابية على الاقتصاد.
وذكرت الكابتن مدهش عددًا من تلك التأثيرات، منها أن استثمار الرياضة النسوية يعزز التنمية الاقتصادية من خلال إنشاء فرص عمل جديدة، فعند توفير البنية التحتية والموارد اللازمة لتطوير الرياضة النسوية، ويتم توفير فرص عمل للنساء في مجالات متعددة، مثل التدريب والتسويق والإدارة الرياضية؛ ومن ثمَّ يحدث تحسُّنٌ في الاستقلالية الاقتصادية للمرأة ويتم تعزيز قدرتها على الإسهام في النمو الاقتصادي.
من جانبها ترى المعلمي أن مشاركة المرأة في الجانب الرياضي يسهم في تعزيز الاستثمار والتنمية المحلية، ويحفز الاستثمار في البنية التحتية لهذا القطاع وتطوير المرافق الخاصة به؛ وهذا بدوره يؤدي إلى تعزيز السياحة الرياضية وجذب الأحداث والمباريات الكبرى، مما يعزز النشاط الاقتصادي ويرفع مستوى الدخل في المنطقة.
وتضيف الكابتن مدهش: “عندما تحقق المرأة الرياضية النجاح والتميز في المنافسات الرياضية، تزداد شعبية الفرق واللاعبات المشاركات؛ وبالتالي يزداد الاهتمام الجماهيري والتشجيع المادي والرعاية، مما يؤدي إلى تحقيق إيرادات اقتصادية إضافية”.
الرياضة وتعزيز المساواة الاقتصادية
تُعد الرياضة وسيلة فعالة لتعزيز المساواة الاقتصادية للمرأة؛ إذ تشكل فرصة للجميع بغض النظر عن جنسهم، وتتيح المشاركة في الأنشطة الرياضية الخارجية والداخلية للمرأة حق المساواة في الحصول على الدورات التأهيلية وتوفير المستلزمات اللازمة لممارسة الرياضة.
تقول المعلمي: “يعد دعم المرأة والاهتمام بها كمنتجة أساسًا ضروريًا لتحقيق التنمية الاقتصادية، فدون دور المرأة لن يكون هناك اقتصاد قوي وفعال. إن التفاتة المجتمع والاهتمام بدور المرأة المنتجة في مجال الرياضة يعكسان الاعتراف بقدراتها وإمكانياتها؛ وهذا يعزز المساواة الاقتصادية من خلال توفير فرص عمل المرأة وتمكينها من المشاركة الفاعلة في النشاط الاقتصادي”.
وتضيف: “يجب على الجميع تشجيع استخدام الرياضة كوسيلة لتحقيق المساواة الاقتصادية للمرأة، وينبغي توفير الدعم الكافي لتأمين الدورات التأهيلية اللازمة وتوفير المستلزمات الرياضية، كما ينبغي أن نلقي الضوء على دور المرأة المنتجة وتعزيز قدراتها ومن خلال هذه الجهود، ويمكن بناء اقتصاد قوي ومجتمع مزدهر يتمتع بالمساواة الاقتصادية والاجتماعية للجميع”.
وتأسف مدهش بقولها: “للأسف الشديد، ما تزال المشاركات النسائية في مختلف المجالات المرتبطة بالرياضة دون النسبة المستهدفة، إذ تحدد الكوتا نسبة %30 لكنها لم تصل بعد إلى هذا المستوى، وتواجه تحقيق تكافؤ الفرص بين الجنسين في هذا الصدد العديد من التحديات”.
وذكرت أن العامل الاجتماعي أحد أهم هذه التحديات إضافة الى العادات والتقاليد التي منعت بعض الفتيات من ممارسة الرياضة. وأضافت: “مع أن العامل الاقتصادي مهم فإنه لا يتوفر الدعم الكافي للرياضة النسوية في اليمن باستثناء بعض الدعم الذي تقدمه اللجنة الأولمبية اليمنية للمشاركات الخارجية”.
دور المرأة في الإدارة الرياضية
وعن إدارة الفرق الرياضية من قبل النساء تقول المعلمي: “فيما يتعلق بتطوير الفرق الرياضية وإدارتها، تواجه المرأة العديد من المشكلات، ومن أهمها العادات والتقاليد في بلادنا؛ فالمرأة تعاني في بعض الأحيان من قيود اجتماعية تفرضها بعض الأسر المحافظة التي تمنعها من إدارة فريق أو حتى ممارسة الرياضة؛ نظرًا لعدم وجود ثقافة رياضية لديهم”.
من جانبها ترى مدهش أن لمشاركة المرأة في الجانب الإداري للمؤسسات الرياضية أهمية كبيرة في تعزيز التنمية الاقتصادية. وعلى الرغم من أن المرأة في اليمن ما تزال تواجه تحديات في الوصول إلى مناصب إدارية في هذا المجال، فإن توفير الفرص المتساوية للمرأة في الإدارة الرياضية يمكن أن يحقق تحولًا إيجابيًا في البلاد.
وتشير في سياق حديثها إلى أن المرأة تتميز غالبًا بالإخلاص والالتزام في أداء واجباتها الوظيفية، بفضل تفانيها وتفردها في العمل، وتتمتع المرأة بقدرة فريدة على تحقيق النجاح في المجال الإداري للمؤسسات الرياضية، كما أن وجودها يعزز الأخلاق العملية ويسهم في بناء ثقافة مؤسسية متينة.
وأضافت الكابتن المعلمي: “يمكن أن تسهم المرأة اليمنية في إدارة المؤسسات الرياضية وفي مكافحة الفساد؛ نظرًا للالتزام والنزاهة التي تتمتع بها العديد من النساء، فإن وجودهن في القرارات الإدارية يعمل كعامل منظم للنزاهة والشفافية؛ وبالتالي يمكن تحقيق بيئة أعمال تنافسية ومنصفة تحث على النمو الاقتصادي”.
ترى الكابتن الحكيمي أنه في الآونة الأخيرة ظهرت قيادة قوية وفعّالة من قبل النساء في مجال التدريب والتأهيل في الجانب الرياضي، وقد أثرت الرياضة بشكل ملحوظ في حياة المرأة، وزادت ثقتها بنفسها وتأثيرها في تعاملاتها، إضافة إلى أنها شهدت أيضًا تحسن مستمر في هذا المجال، وحققت الكثير من النساء اليمنيات نجاحًا اقتصاديًا ملحوظًا في هذا القطاع.