هبة محمدالمرأة في التنمية والسلام

في عالم الرياضة، تظل المرأة تواجه تحديات وعقبات تعيق تمثيلها بشكل كامل ومتساوٍ في المسابقات الداخلية والخارجية، إلّا أنّه على مر السنين، شهدنا تحولًا ملحوظًا في هذا المجال؛ إذ بدأت المرأة اليمنية تحقق إنجازات رياضية استثنائية، وتنافس بقوة في المحافل العربية والدولية.

في هذا التقرير، نكتشف رحلة تمثيل النساء في القطاع الرياضي، ونسب المشاركة العربية والدولية، وسنلقي نظرة على النماذج الملهمة للمشاركات النسائية، ونتعرف على أنواع الألعاب الرياضية التي يشاركنَ بها في المحافل العربية والدولية.

 

تمثيل النساء في المسابقات الدولية

في عالم الرياضة، تعدُّ المحافل الدولية بمثابة المنصة الرائدة للتنافس والتألق، وفي هذا السياق، نجد اللاعبات اليمنيات يخُضنَ تلك التحديات الكبيرة، ويسعين لتمثيل بلدهنّ بكل فخر واعتزاز، وإنّ لمحافل الرياضة الدولية دورًا مهمًّا في تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين النساء، وتحقيق التقدم والتطور في مجال الرياضة.

تقول بطلة اليمن في البطولة الدولية للكيك بوكسينغ (الملاكمة) للسيدات كابتن سهام عامر: “تعدّ مشاركة النساء في المسابقات الرياضية الدولية أمرًا مهمًّا للغاية، ففي كل المسابقات يوجد هناك مسابقة خاصة بالذكور وأخرى للإناث بالعدل والمساواة، وفرص السيدات في البطولة تفوق تلك المتاحة للرجال بكثير، وخاصة إذا قامت النساء بالتدريب الصحيح القائم على أسس وقواعد”.

وعن نسب مشاركة المرأة اليمنية في البطولات الدولية، توضح عامر بأنّ “نسبة المشاركات في الألعاب الرياضية كانت كثيرة قبل الأزمة اليمنية؛ إذ كان اتحاد المرأة في صنعاء يُعنى بالرياضة النسوية، وكنا نشارك في عدد كبير من البطولات، ومع ذلك، تراجعت هذه النسبة في المدة الأخيرة؛ بسبب إغلاق العديد من الاتحادات النسوية، وأصبح عدد قليل جدًّا من الاتحادات والنوادي تعمل، بزيادة في مشاركة الذكور مقارنة بالإناث”.

وأشارت عامر إلى أنّه على الرغم من تلك التحديات، فإنّها مستمرة في التدريب في الأكاديمية الدولية الخاصة؛ إذ تعمل على تأهيل عدد من النساء وتدريبهنّ وتجهيزهنّ للمشاركة في البطولات الخارجية، وتمضي قدمًا بطموحاتها عبر سعيها لإقامة بطولات داخلية وخارجية لتعزيز مشاركة النساء في الرياضة.

وعن نسب مشاركة النساء اليمنيات في المسابقات الدولية تقول ياسمين الريمي -لاعبة رماية ومرشحة للمشاركة في أولمبيات باريس، يوليو2024م-: “نسب المشاركات النسائية في المحافل الدولية بالنسبة لليمن ضئيلة جدًّا، وإن وجدت فإنّها تكون قليلة. يمكن أن ترجع هذه النسب المنخفضة إلى الأسباب الأمنية والسياسية التي أثرت على الوضع العام في اليمن”.

 

إنجازات ونجاحات

سهام عامر أول مدربة يمنية في الألعاب القتالية، جسدت روح المرأة اليمنية الرياضية، ومثلت اليمن في عدد من البطولات العربية والأجنبية، وحصدت الفوز بعدد من الميداليات الذهبية والفضية محليًّا ودوليًّا.

ذكرت سهام عددًا من النجاحات والإنجازات التي حققتها في مسيرتها الرياضية متحدية كل العوائق الاجتماعية والمادية بقولها: “في المدّة من عام 2006م إلى 2010م، شاركت في المسابقات المحلية، وتمكنت من الفوز بحزام أسود، وأكثر من ثلاث عشرة ميدالية. بالإضافة إلى ذلك، شاركت في بطولة المغرب وحصلت على الميدالية الفضية، وفي بطولة قطر حصلت على ميدالية فضية وبرونزية”.

وتكمل: “وفي عام 2010م، شاركت في بطولة الكونفو، وتمكنت من الفوز بالميدالية الذهبية في بطولة عربية، كما شاركت في أول بطولة للكيك بوكسينغ في عام 2017م، وحصدت الميدالية الذهبية، ونلتُ لقب “الفتاة الذهبية”، وشاركت أيضًا في بطولة العالم في بيلاروسيا في نفس العام وحصدت أربع ميداليات؛ ثلاث فضيات وواحدة برونزية في عدة أساليب قتالية”.

وذكرتْ أيضًا أنّها في عام 2018م، شاركت في بطولة مواي تاي، وحصلت على الميدالية الذهبية، وفي عام 2019م شاركت في بطولة الأردن في عمان، وحصدت الميدالية الذهبية والفضية في عدة أساليب قتالية في رياضة الكيك بوكسينغ، وفي عام 2023م، حصلت على الميدالية الذهبية في إحدى المسابقات الدولية.

لم تقف النجاحات عند الكابتن سهام عامر، بل شملت كثيرًا من النساء اليمنيات منهنّ ياسمين نبيل الريمي لاعبة المنتخب الوطني للرماية بطلة الجمهورية على مدى السنوات السابقة.

تذكر لنا الريمي أهم مشاركاتها ونجاحاتها بالقول: “شاركتُ في دورة الألعاب الآسيوية في الصين؛ إذ واجهت أفضل اللاعبين، وأظهرت قدراتي الحقيقية، وذلك في أولمبيات طوكيو 2020م؛ إذ كانت فرصتي الأولى للمنافسة على أعلى المستويات العالمية. لقد كانت رحلة مليئة بالتحديات والتنافس الشرس، ولكن استمتعتُ بكل لحظة وأنا أمثل وطني بأفضل ما لديَّ”.

وتكمل: “حققت بطولة عربية في السودان واضعة المركز الثالث؛ إذ كانت تجربة مميزة وفخر كبير لي، وكذلك حققت المركز الثاني في بطولة أخرى في القاهرة، وحصدت الميدالية الفضية، مما يثبت قدرتي على التنافس والتألق حتى في ظروف قليلة الموارد والإمكانات خاصة في لعبة الرماية”.

ومن رياضة الرماية إلى المبارزة؛ إذ تقول اللاعبة ندى أحمد: “بدأت رحلتي في لعبة المبارزة عام 2009م، ومنذ ذلك الحين دخلت عالم الرياضة، وبدأت في تطوير شخصيتي ونمو مواهبي، تعلمت كثيرًا من العادات الإيجابية من هذه الرياضة”.

وتواصل: “أبرز محطات رحلتي الرياضية، التي حققتُ فيها إنجازات مهمة في مسيرتي الرياضية، بطولة الجمهورية؛ إذ حصلتُ فيها على الميدالية الفضية، وحققتُ المركز السادس في الأولمبياد الإسلامية في قونيا، كما شاركتُ في الألعاب الأولمبية الآسيوية”.

هناك أيضًا العديد من النماذج البارزة في هذا الجانب، اللواتي ترشحنَ في إطار دولي؛ منهنّ لاعبة القوس والسهم هند عبد الله، التي ترشحت للمشاركة في أولمبيات باريس؛ إذ تقول هند: “أنا أشعر بالفخر الحقيقي بما حققته من إنجازات. على الرغم من عدم بلوغي لما كنت أتمنى، سأستمر وسأصل إلى هدفي، وسأعود إلى وطني بميدالية ذهبية من منافسة دولية، حينها سأكون رفعت علم اليمن وسمعت النشيد الوطني يردد باسمي وبإنجازي”.

وتكمل حديثها: “انضممت للعبة القوس والسهم في عام 2014م، قبل عشر سنوات، حينما كنت مجرد طالبة جامعية. وقد أحببت اكتشاف هذه اللعبة، وجدت نفسي فجأة متعلقة بها بشكل جنوني، حصدت عدة ميداليات ذهبية وفضية على المستوى الوطني، وتحديدًا 4 ميداليات ذهبية، وميداليتين فضيتين، وبرونزيتين”.

من جهتها -أيضًا- شاركتنا تجربتها في لعبة الجودو اللاعبة أروى طارق إذ تقول: “لعبتُ الجودو منذ صغري، وحققتُ حتى الآن 13 ميدالية متنوعة في المشاركات الدولية، بما في ذلك الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية، في الماضي كانت معظم الرياضات التي تشارك فيها النساء تتضمن رياضات قتالية فردية وجماعية وغيرها”.

وتكمل: “حاليًا، تتمثل المسابقات البارزة التي أشارك فيها في دورات الألعاب، سواء أكانت عربية أم قارية أو أولمبية، ويرجع الفضل إلى اللجنة الأولمبية اليمنية والدولية على جهودها لتعزيز المشاركة اليمنية، وتعزيز دور المرأة في هذا المجال”.

 

إجراءات وشروط

أشارت كابتن سهام عامر إلى أنّ هناك شروطًا منصفة ومتساوية يضعها الاتحاد الأولمبي أو الاتحاد العربي؛ بإرسالهم دعوة للمشاركة لكلا الجنسين بطريقة عادلة؛ إذ يتم إرسال أوزان النساء والرجال بشكل مناسب، وأن يكون اللاعب مميزًا ومبدعًا والأقوى بين فريقه”.

وأكدت أنّ الاتحاد اليمني يثير المخاوف لديهنّ حين يتجاهل وجود النساء في الرياضة، ويمتنع عن دعوتهنّ للمشاركة في المسابقات الدولية؛ بحجة عدم توفر النساء ذوات الكفاءة والخبرة اللازمة، أما هن فملتزمات بمواجهة هذا التحدي، وقادرات على التحضير والمنافسة بجدّيّة وكفاءة.

فيما ذكرت لاعبة القوس والسهم هند عبد الله شرف عددًا من الألعاب الرياضية التي تشارك فيها النساء اليمنيات؛ إذ تقول: “تشارك اللاعبات اليمنيات في عدة ألعاب رياضية، من بينها تنس الطاولة، والمبارزة، والرماية بالقوس، والرماية بالمسدس الهوائي، والجودو. وتبرز لاعباتنا في مسابقات عديدة، مثل المسابقات العربية، والآسيوية، ومسابقات الأندية بعد المسابقات الوطنية”.

 

تحديات وصعوبات

“في المجتمع اليمني، نواجه تحديات تتعلق بالعادات والتقاليد الاجتماعية ونظرة الأسرة للفتاة فيما يتعلق بممارسة الرياضة، وقد تعدُّ بعضُ الأسر الرياضةَ حرامًا وممنوعةً على النساء، وتنظر إليها على أنها نشاط يجب على النساء تجنبه”، حسب كابتن عامر.

وتواصل: “من أبرز التحديات التي نواجهها، قلة التوعية بأهمية الرياضة وفوائدها الصحية والنفسية؛ إذ يفتقر الأهالي والمجتمع بشكل عام إلى الوعي بأهمية تمكين النساء، وفتح المجال لممارسة الرياضة، وقد يُعزى ذلك جزئيًا إلى نقص التثقيف والتوجيه في هذا الصدد”.

كما تأسف أيضًا على الأوضاع التي تعيشها البلاد فتقول: “من المؤسف أننا نشهد أيضًا حدوث التمييز الجنسي بسبب النزاع والانقسامات السياسية المفرطة، قد يعتقد بعض الأفراد أنّ منح الفرص الرياضية للنساء يعدُّ تحدّيًا للقيم والمعتقدات الثقافية الخاصة بهم، ممّا يؤدي إلى فرض قيود على مشاركة النساء في الرياضة.

من جهتها ذكرت كابتن ياسمين الريمي أنّ المرأة تواجه تحديات عديدة في ممارسة الرياضة بشكل مريح وقوي، ومن أبرز هذه التحديات النقص الكبير في الملاعب والميادين الخاصة بهنّ؛ إذ يعدُّ هذا النقص عائقًا رئيسيًّا يمنع النساء من الاستمتاع بالفوائد الصحية والروحية للرياضة، ويقيدهنّ من تحقيق إمكاناتهنّ الرياضية الكاملة.

وتشير أيضًا إلى أنّ غياب الملاعب المخصصة للنساء يعكس تفشّي التمييز الجنسي في المجتمع، ويحدُّ من حرية المرأة في الاختيار والممارسة للرياضة، فالمرأة تحتاج إلى مساحات آمنة وملائمة تمكنها من ممارسة الرياضة دون قيود أو مشاكل.

خطط لتحسين مشاركه المرأة

“نحن نرى ضرورة إقامة فريق نسائي يُختار من المدارس، يضم الفتيات والشابات من جميع الفئات العمرية، وأن يعتمد مادةَ الرياضة مادّةً أساسية، على النحو نفسه الذي تُعتمد به باقي المواد الدراسية، ونعتقد أن هناك مواهبَ نادرة وقوية يمكن الاستفادة منها، ولكن يفتقر الأمر إلى إدارة ممتازة لتلك الكوادر” حسب رؤية الكابتن عامر.

وأشارت بالقول: “في أكاديميتنا، قُمنا بتوجيه جهودنا نحو استهداف هذه الفئة وتدريبهنّ، وتهيئتهنّ للمشاركة في البطولات الدولية، ومع ذلك يجب أن يكون لدى قادة وزارة الشباب والرياضة والاتحادات الوعي الكافي بأهمية الرياضة”.

من جهتها أيضًا أكدت ياسمين الريمي ضرورة زيادة عدد اللاعبات اليمنيات في المسابقات المحلية والدولية، بالعمل على زيادة عدد الملاعب والميادين المتاحة، وتجهيزها بالأدوات الرياضية اللازمة.

وتختم بالقول: “يجب أن تكون هناك متابعة ودعم مستمر للرياضيات من قبل الأندية والمدربين والمسؤولين الرياضيين؛ لضمان تطورهنّ، وتحقيق إمكاناتهنّ الكاملة. إضافة إلى أنّ تحقيق نسب المشاركات النسائية في المحافل الدولية هو أمر مهم وضروري؛ لتعزيز وجود المرأة في هذه البطولات، وتمثل اللجنة الدولية الأولمبية مثالًا حيًّا على التزامها بتعزيز المشاركة النسائية؛ إذ قدمت شرطًا يفرض مشاركة المرأة بنسبة 50%”.