أحمد باجعيمالمرأة في التنمية والسلام

 

تواصل المبادرات الشبابية في اليمن لعب دورها المحوري في دعم الحراك الرياضي النسائي؛ إذ تسعى جاهدة إلى تمكين المرأة وتشجيعها على المشاركة الفاعلة في مختلف الأنشطة الرياضية. وتأتي هذه المبادرات لتُواجه التحديات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تقف عائقًا أمام مشاركة المرأة اليمنية في الرياضة، وتُسهم بشكل كبير في تحسين واقعها الرياضي، وتشكل دافعًا قويًّا نحو التقدم.

وتتنوع أنشطة هذه المبادرات بين إقامة دورات تدريبية تقدم للمرأة مهارات رياضية جديدة وتُطور قدراتها في مختلف المجالات الرياضية، وفعاليات ومهرجانات توعوية تنشر الوعي بأهمية الرياضة للنساء، وإقامة بطولات وأنشطة محلية، سواء داخل المحافظات اليمنية المختلفة أو على مستوى البلاد بشكل عام.

لم تسهم المبادرات فقط في تعزيز الوعي بأهمية الرياضة للمرأة؛ بل ساعدت أيضًا في بناء مجتمع أكثر شمولية ودعمًا للمساواة بين الجنسين بمختلف المجالات. من خلال هذا التقرير سنقدم نظرة شاملة عن دور تلك المبادرات في دعم الرياضة النسائية، مع تسليط الضوء على التحديات التي تواجهها، والتأثير الإيجابي الذي تتركه في المجتمع.

 

دور المبادرات

ترى الإعلامية الرياضية سعاد طاهر -صاحبة مبادرة رياضية- أن قطاع الرياضة النسائية في اليمن يُواجه تحديات كبيرة في الوقت الحالي، أبرزها نقص المبادرات الشبابية التي تُعنى بتعزيز المشاركة النسائية في مختلف الأنشطة الرياضية. ورغم وجود بعض المبادرات، فإنها تقتصر غالبًا على فئة الذكور، دون إعطاء المرأة حظها الكامل من الاهتمام والدعم.

وأوضحت أن مبادرتها سعت إلى تنفيذ ماراثون نسائي في مدينة صنعاء، لكن نقص التمويل وغيرها من العوامل أدى إلى توقف هذه المبادرة. مؤكدة أنه على الرغم من غياب الدور الرسمي في دعم الرياضة النسائية بشكل كافٍ، فإن المبادرات الشبابية تمثل حجر الزاوية لتفعيل هذا القطاع، وخلق بيئة مواتية لمشاركة المرأة اليمنية في مختلف الأنشطة الرياضية.

وأضافت أن في قطاع الرياضة النسائية بوادر نهضة واعدة بعد مونديال قطر 2022، وتجسد المبادرات الشبابية الناشئة في هذا المجال روح التطلع لدى الفتيات اليمنيات لممارسة الرياضة وتحقيق التميز، من خلال تنظيم أنشطة رياضية متنوعة للفتيات، داخل الأندية الرياضية وفي الجامعات والمدارس. وتشمل هذه الأنشطة ممارسة ألعاب مثل الملاكمة التي تقام لها بطولات محلية على مستوى النادي الواحد.

وأشارت إلى أن المبادرات الشبابية تسعى جاهدة إلى رفد مكاتب وزارة الشباب والرياضة والاتحادات الرياضية المختلفة ببرامج وأنشطة رياضية نسائية في مختلف الألعاب، على أمل تبنيها ودعمها وتنفيذها على أرض الواقع.

من جانبها أكدت فاطمة الشامي -عضو الإدارة الفنية باللجنة الأولمبية اليمنية- دور اللجنة الريادي في دعم الأنشطة الرياضية بشكل عام، مع إيلاء اهتمام خاص بالرياضة النسائية، لا سيما في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها اليمن؛ إذ تعد اللجنة الأولمبية اليمنية الهيئة الرياضية الوحيدة في اليمن التي تواصل دعم الأنشطة الرياضية، وتسهم في استمرار التمارين في مراكز الواعدين.

وأوضحت أن اللجنة تولي اللجنة اهتمامًا خاصًا بالرياضة النسائية، من خلال الاستمرار في دعم ممارسة العديد من الألعاب، منها كرة الطاولة وألعاب القوى والمبارزة والرماية والقوس والسهم والجودو.

ترى الشامي أن المبادرات الشبابية تلعب دورًا مهمًا في وضع خطط وبرامج تعزز مشاركة المرأة في المجال الرياضي، من خلال تنفيذ برامج وأنشطة تهتم باللاعبين واللاعبات، وتُسهم في تنمية مهاراتهم في مختلف المجالات، بما في ذلك الدعم النفسي ومكافحة المنشطات.

وفي ذات السياق تحدث مدير إدارة الأنشطة والخدمات الطلابية بمكتب وزارة التعليم الفني والتدريب المهني في ساحل حضرموت، علي مساعد، عن دور المبادرات الشبابية لتنشيط رياضة المرأة، مشيرًا إلى أن من ضمن مهام المبادرات الشبابية التي تُطلقها إدارة الأنشطة والخدمات الطلابية تفعيل الأنشطة الرياضية والثقافية بين طلاب المعاهد التقنية والمهنية والشعب الدراسية.

وبيَّن أن إدارة الأنشطة والخدمات الطلابية تحرص على تفعيل النشاط النسائي من خلال تنظيم المسابقات الثقافية والرياضية التي تتناسب مع قدرات الفتيات والعادات والتقاليد الاجتماعية في حضرموت واليمن عمومًا، وتشمل هذه المسابقات ألعابًا متنوعة مثل تنس الطاولة والشطرنج، بالإضافة إلى فعاليات ثقافية أخرى.

كما أشار إلى أن لمبادرات الطالبات دورًا فعالًا في تعزيز مشاركتهن في تنفيذ أنشطة وفعاليات رياضية فيما بينهن داخل المعاهد. وكذا يشاركن في المحاضرات التوعوية التي تقام مصاحبة للأنشطة الرياضية. وتعد محاضرات التوعية بالكشف المبكر عن سرطان الثدي من أهم المبادرات التي تطلقها الطالبات، لتُسهم في زيادة الوعي الصحي لدى الفتيات.

 

الخطط المستقبلية

تذكر سعاد طاهر أن المبادرات الشبابية في اليمن وضعت خططًا مستقبلية لتنمية الألعاب الرياضية للمرأة اليمنية، تهدف إلى أهمية التوعية المجتمعية والثقافية بأهمية الرياضة للنساء. مؤكدة ضرورة دمج هذه التوعية في الخطط المستقبلية؛ للقضاء على الفجوة بين الجنسين في هذا المجال، وتحدي العادات والتقاليد التي تعيق انخراط المرأة في الرياضة.

وتؤكد أن لدى المبادرات الشبابية الكثير من الخطط والبرامج التي تسهم في تنشيط الحراك الرياضي النسائي تتضمن أفكارًا وتصورات وخططًا مزمنة، لكن أغلبها لم تنفذ على أرض الواقع لعدة أسباب، أبرزها انعدام الدعم المادي وتأثير العادات والتقاليد التي ما يزال المجتمع متمسكًا بها، بالإضافة إلى انعدم الأمن والتخوف من المجهول وفق تعبيرها.

وأشارت إلى أنها، حتى على الصعيد الشخصي الرياضي، واجهت العديد من التحديات لتنفيذ برنامج رياضي إذاعي أو صحفي يعزِّز من انخراط النساء في الألعاب الرياضية، ويعد هذا من ضمن الخطط المستقبلية التي تعمل عليها، غير أن الكثير من الإذاعات والصحف رفضت هذا المشروع لسبب أو لآخر، وقد يكون السبب عدم تقبل الشارع والمجتمع لهذه الأفكار بأي شكلٍ من الأشكال.

من جانبها، قالت فاطمة الشامي: “توجد الكثير من الأنشطة والبرامج التي تعمل اللجنة الأولمبية عليها داخليًا؛ إذ تم عمل دورات تأهيلية لخريجات التربية البدنية والرياضية ولاعبات المنتخبات الوطنية في العلوم المصاحبة لعلم التدريب الرياضي، ومشاركة اللاعبات السابقات في دورات دولية لتأسيس قاعدة رياضة نسائية متكاملة”.

وأشارت إلى أن اللجنة الأولمبية تهدف إلى زيادة مشاركة المرأة في العمل الرياضي إلى %30 في الخطط المستقبلية، كما أن الأنشطة التي تشارك فيها المرأة خارجيًا كثيرة، آخرها دورة الألعاب الآسيوية في جمهورية الصين الشعبية بأكبر بعثة منذ تأسيس اللجنة الأولمبية اليمنية.

وتؤكد اللجنة استمرار مشاركة المرأة في الفعاليات الرياضية الدولية، مثل أولمبياد باريس القادم؛ إذ تعمل اللجنة الأولمبية ضمن خططها المستقبلية على تفعيل دور المرأة في الاتحادات والأندية الرياضية في جميع المحافظات اليمنية، وخلق بيئة مناسبة لممارسة المرأة للرياضة وتنمية مهاراتها في مختلف المجالات الرياضية.

 

تحديات ومعالجات

تواجه المبادرات الشبابية التي تُعنى بتعزيز رياضة المرأة في اليمن تحديات كبيرة تعيق تنفيذ خططها وبرامجها على النحو الأمثل، وتعد هذه التحديات عقبة أمام تحقيق أهداف هذه المبادرات في زيادة مشاركة المرأة في الرياضة وتعزيز دورها في المجتمع.

الإعلامية الرياضية سعاد طاهر ترى أن أبرز تلك التحديات هي: طلب الجهات الأمنية وجود تصاريح قانونية لمزاولة النشاط الرياضي، العادات والتقاليد الطاغية على المجتمع المحلي التي تحجب المرأة عن ممارسة الألعاب الرياضية، ضعف الموارد المالية وقلة الدعم يقفان عائقًا أمام المبادرات لتنفيذ نشاطاتها وخططها على أرض الواقع؛ لذا لا بد من اجتياز هذه التحديات وعمل حلول لها لما من شأنه أن يعزِّز من دور المبادرات الشبابية في زيادة الأنشطة الرياضية الخاصة بالمرأة.

الشامي تشير إلى أن أهم التحديات والصعوبات التي تواجه الشباب والمبادرات الشبابية تكمن في الدعم المالي والمعنوي. ولوضع بعض المعالجات يجب الاهتمام بمجال الرياضة من قبل الهرم الأعلى للدولة، عبر تخصيص دعم مالي للأنشطة والبرامج والمشاركات الرياضية الخارجية بشكل عام، والأنشطة الرياضية النسائية بشكل خاص، بعدها يأتي دور وزارة الشباب والرياضة والاتحادات والأندية؛ لتوسيع قاعدة الأنشطة والبرامج الخاصة بالرياضة النسائية.

يؤكد الجميع أن دعم المبادرات الشبابية للرياضة يعد استثمارًا في مستقبل أفضل لليمن؛ لأن الرياضة تسهم في تعزيز صحة المرأة وتنمية مهاراتها وتعزيز مشاركتها الفاعلة في المجتمع. وبفضل هذه المبادرات أصبحت الرياضة النسائية مساحة مفتوحة أمام الكثير من الفتيات اللائي لديهن شغفٌ أو حبُّ الانخراط بهذا المجال؛ لذا يتوجب الاستمرار في دعم هذه المبادرات وتوسيع نطاقها، ومع ذلك يبقى التحدي الأكبر يتمثل في كيفية مواصلة هذا الزخم وتكريس الجهود لتحقيق تلك الأهداف المشتركة.