ياسمين عبدالحفيظالمرأة في التنمية والسلام

 

تثبت المرأة اليمنية يومًا بعد يوم قدرتها على التميُّز والإبداع في مختلف المجالات، ومنها المجال الرياضي، فبالإصرار والشغف تمكنت العديد من النجمات اليمنيات من تخطي العديد من العقبات، وتحقيق إنجازات رائعة على المستوى المحلي والدولي.

لذلك، لا بد من العمل على تعزيز مشاركة المرأة اليمنية في القطاع الرياضي من خلال توفير الدعم الحكومي، ونشر التوعية، وكسر قيود العائلة، وتغيير النظرة المجتمعية، وتوفير فرص التدريب والتطوير، وتشجيع المرأة على الانضمام إلى الاتحادات الرياضية، وتوفير بيئة آمنة لممارسة الرياضة، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى

يعاني القطاع الرياضي اليمني، شأنه شأن العديد من القطاعات الأخرى في البلاد، تدهورًا كبيرًا منذ زمن بعيد، وقد فاقمت الصراعات المسلحة التي عصفت باليمن من حدة هذا التدهور؛ مما أدى إلى تدمير واسع للبنية التحتية الرياضية، وتوقف شبه تام للأنشطة والفعاليات الرياضية. إنما في السنوات الأخيرة، بدأت تظهر بوادر إيجابية لإعادة إحياء الرياضة اليمنية، وعودة الروح إلى الملاعب.

 

سياسات تعزز مشاركة المرأة رياضيًّا

“كان للمرأة قديمًا دور بارز في المجال الرياضي، فقد شاركت المرأة اليمنية كلاعبة وإدارية ومسؤولة في العديد من الفعاليات الرياضية المحلية والدولية والعربية، وحققت إنجازاتٍ مميزةٍ. وعلى الرغم من هذه الإنجازات، ما زالت تواجه العديد من التحديات التي تعيق مشاركتها الفاعلة في المجال الرياضي، والمتمثل في العادات والتقاليد والأفكار السلبية”، هذا ما قاله خالد النواري، أمين عام الجمعية اليمنية للإعلام الرياضي.

 

وأكد أهمية حدوث ثورة حقيقية تصحح المفاهيم السلبية التي تقيد مشاركة المرأة في المجال الرياضي، وتتيح لها إمكانية تحقيق إمكانياتها الكاملة، خاصة أن المرأة اليمنية تمتلك قدرات عالية جداً، سواء في الأمور الإدارية أو الفنية أو في مجالات رياضية كثيرة.

وأشار إلى أن التجارب تثبت أن هناك العديد من الكوادر النسائية المتميزة التي قدمت صورة إيجابية عن دور المرأة رياضيًّا في اليمن، ومثال على ذلك (نظمية عبدالسلام)، التي تبوأت منصب رئيس الاتحاد اليمني لرياضة المرأة، وتقلدت منصب رئيس مجلس إدارة صندوق رعاية النشء والشباب، وكانت لاعبة دولية في الشطرنج، وحققت إنجازات عظيمة تفوقت فيها على العديد من الرياضيين الذكور، رياضيًّا أو إداريًّا. كما أن هناك العديد من الرياضيات الأخريات اللاتي تركن بصمات طيبة في مختلف المجالات الرياضية، مثل: رياضة الجودو، وتنس الطاولة وغيرها.

ويوضح النواري في حديثه لصحيفة “المرأة في التنمية والسلام” أن العديد من النجمات الرياضيات اليمنيات برزن في مختلف الألعاب، وحققن إنجازات عظيمة في المحافل الدولية، ومن بين تلك النجمات اللاعبة (ندى الأهدل) التي شاركت في العديد من البطولات الدولية، وحققت نتائج إيجابية، وغيرها من النجمات في لعبة الشطرنج وكرة الطائرة وألعاب القوى، اللائي شاركن في بطولات عربية وآسيوية، وحتى في الدورات الأولمبية.

يذكر النواري أن هناك كوادر نسائية يمنية تتبوأ مناصب قيادية مهمة في المجال الرياضي، مثل هناء العلوي التي وصلت إلى منصب وكيل وزارة في وزارة الشباب والرياضة. لكن على الرغم من هذه الإنجازات، ما زالت العديد من الرياضيات اليمنيات يبحثن عن فرصةٍ لإظهار قدراتهن وإثبات حنكتهن في المجال الرياضي، سواء من ناحية التأهيل أو التدريب أو التحكيم، أو حتى في المجال الإداري.

وأوضح أن الجمعية اليمنية للإعلام الرياضي لعبت دورًا رياديًا في تمكين المرأة في هذا المجال، من خلال فتح المجال أمامها للانتساب والحصول على العضوية؛ ففي الماضي لم يكن هناك سوى امرأة أو امرأتين في الجمعية، مثل أميرة باحيدان من محافظة أبين، ووهبية البحري من محافظة تعز. وبفضل جهود الجمعية، ازداد عدد العضوات بشكلٍ كبيرٍ ليصل إلى ما يقارب ستين إعلامية رياضية من خريجات كليات الإعلام، بعضهن يمارسن مهنة الصحافة بالفعل، وخضعت العضوات لبرامج تدريبية وتأهيلية في مجال الصحافة الرياضية.

يقول النواري: “أتمنى أن تسعى وزارة الشباب والرياضة، وبقية الاتحادات والهيئات والأطر الرياضية والأندية، إلى تمكين المرأة رياضيًا ومساعدتها في هذا الدور الحيوي، لا سيما أن القطاع الشبابي حافل بالأنشطة والفعاليات، ويتطلب مساعدة الفتاة إلى جانب أخيها الرجل على حد سواء، وكسر الصورة النمطية التي تقيِّد المرأة وتحد من مساهمتها الفاعلة”.

تؤكد صفاء يوسف -عضو مجلس إدارة الاتحاد اليمني للإعلام الرياضي- أن أول خطوات تعزيز مشاركة المرأة في القطاع الرياضي هي تفعيل اتحاد رياضة المرأة وتنشيطه. مشيرة إلى أن دور الاتحاد غائب حاليًا، ويجب أن يركز على نشر ثقافة ممارسة الرياضة النسائية في المدارس والجامعات والأندية، ومواجهة العادات والتقاليد التي تعيق المرأة عن ممارسة الرياضة، وإقامة الندوات التثقيفية لتعزيز ثقافة ممارسة الرياضة لدى الفتيات في سن مبكرة.

وترى أن من الضروري التركيز على سرد قصص النجاح لرياضيات بارزات، كان لهن الأثر في المشهد الرياضي اليمني، باعتبارهن مثالًا تقتدي به الفتيات في بداية حياتهن الرياضية، إلى جانب وضع آليات شراكة مع الأندية الرياضية؛ لتشجيع الفتيات على الانضمام للأندية الرياضية ودعمهن دون تمييز.

 

دور التثقيف

في هذا الشأن تقول يوسف: “الثقافة والوعي بأهمية ممارسة المرأة للرياضة مهم جدًا، وبالتالي يبرز دور وسائل الإعلام في نشر الثقافة الرياضية في المجتمع، ومن الملاحظ أن الرياضة النسوية تعاني ضعف في التغطية الإعلامية. وهناك عدة أسباب رئيسية تسهم في عزوف المرأة عن ممارسة الرياضة، منها عدم وجود ثقافة أسرية ومجتمعية حول أهمية ممارسة الفتاة للرياضة، إضافة إلى أن الإعلام نفسه لا يعي أهمية الدور الذي يقع عليه في الإرشاد والتوعية والدعم الذي من المفترض أن يخصص برامج للحديث بالشأن الرياضي النسائي”.

وتتابع: “إلى جانب ما سبق، هناك قصور في دور وزارة الشباب والرياضة والاتحادات والأندية التي من المفترض أن تضع ضمن خططها وبرامجها عددًا من الأنشطة والبطولات التي تستهدف الفتيات.  ومن الممكن أيضًا أن تكون المرأة السببَ الرئيسي في هذا الأمر؛ كونها منزوية وتمارس الرياضة على استحياء، وترفض إجراء اللقاءات والظهور على وسائل الإعلام”.

وتشير إلى أن هناك حلولًا عدة من الممكن اتباعها لإعادة مكانة الرياضة النسائية إلى مكانتها السابقة، مثل حثِّ الإعلام على تسليط الضوء على ممارسة المرأة للرياضة كنشاط حياتي ومجتمعي، وتخصيص مساحات عبر الوسائل المرئية والمقروءة والمسموعة والإلكترونية لتغطية الرياضة النسائية، وحثِّ الفتيات على ممارسة الألعاب الرياضية، إلى جانب إصدار مجلة رياضية شهرية تعنى برياضة المرأة، ومساعدتها على تعزيز مكانتها كمحررة وكاتبة في الشأن الرياضي النسائي.

كما أوضحت أن المرأة اليمنية نالت جزءًا كبيرًا من حقها في مجالات عديدة في السياسية والقضاء والطب وغيرها، لكنها ما زالت تبحث عن حقها الكامل في مجال الرياضة، وسط مقاومة التقاليد والعادات الموروثة وتحريم بعض رجال الدين، ورغم ما حققته الرياضيات اليمنيات من نتائج مشرفة على الأصعدة المحلية والدولية فإن هناك قوة تدفعها للعودة إلى الخلف تحت مسمى العادات.

وذكرت أنه في فترة السبعينيات وبداية الثمانينيات شاركت العديد من الرياضيات اليمنيات في المنافسات والألعاب الدولية، وحققن نجاحات كثيرة وفزن بعدد من الميداليات الذهبية، أمثال (نائلة نصر عباس) التي نالت البطولة العربية في تنس الطاولة الفردي والزوجي لمدة 12 سنة، و(مجيدة عبد المجيد) أول بطلة على المستوى العربي تحصل على الميدالية الذهبية في لعبة كرة القدم، و(فاطمة محمد ناصر) بطلة العرب في البطولة العربية التاسعة في كرة الطائرة بالأردن، وغيرهن أسماء كثيرة حصلن على الميداليات الذهبية.