علياء محمدالمرأة في التنمية والسلام

 

مما لا شك فيه أن الرياضة النسائية على مستوى العالم تعد من أهم مكونات المنظومة الرياضية، ورافعة أساسية للتقدم والازدهار في مختلف المجتمعات؛ إذ حقق وجودها دورًا مهمًا في القضاء على التمييز بين الجنسين، ولها فعالية في تحسين الصحة البدنية والنفسية، وتعزيز الثقة بالنفس، وتجاوز التحديات.

في مجتمعنا اليمني، لم تحظَ الكثير من النساء بالمشاركة في المجال الرياضي، نتيجة بيئة المجتمع اليمني وطبيعته، التي تمنح الرجال فقط المشاركة في الأنشطة الرياضية، ومن أُتيح لهن فرصة الدخول أو الخوض في هذا المجال فقد مررن بمراحل صعبة، ولم يحقق النجاح إلا بعد مرورهن بتحديات وصعوبات ثقافية واجتماعية، وحتى اقتصادية.

ونظرًا لأهمية الرياضة في تمكين المرأة وتعزيز دورها في المجتمع اليمني، لعبت المنظمات المحلية والدولية دورًا مهمًا في دعم الرياضة النسائية وتعزيزها وتطويرها على مختلف المستويات.

 

فعاليات وأنشطة رياضية

تُعد الرياضة ركيزةً أساسيةً في بناء المجتمعات وتطورها، ولها دور مهم في تعزيز صحة الفرد والمجتمع، وتحقيق التنمية البشرية. وقد أولت اللجنة الأولمبية اليمنية اهتمامًا كبيرًا برياضة المرأة، وسعت جاهدة إلى تعزيز مشاركتها في مختلف المجالات الرياضية.

وقد سعت اللجنة الأولمبية اليمنية، التي بدأت أنشطتها في العام 1999، إلى تحقيق مبدأ المساواة بين الجنسين، من خلال إتاحة الفرصة أمام الرياضيات من النساء في المشاركة في البطولات الداخلية والخارجية بنسبة 30% على الأقل، مما أسهم في تعزيز ثقافة مشاركة المرأة في الرياضة.

واهتمت لجنة الرياضة والمرأة في اللجنة الأولمبية بإقامة ندوات تثقيف وتوعية حول أهمية رياضة المرأة على عدة مستويات، في المدارس والأندية والاتحادات والجهات المعنية برياضة المرأة، مثل الجامعات والوزارات المرتبطة بنشاط المرأة الرياضي، وذلك بهدف نشر الوعي بأهمية رياضة المرأة وفوائدها على صحة المرأة والمجتمع.

وفي إطار جهودها لتعزيز رياضة المرأة، نظمت لجنة رياضة المرأة في محافظة عدن في العام2023 “المهرجان الأول للألعاب الرياضية النسائية”، بمشاركة واسعة من فتيات يمثلن أندية المحافظة، مما يؤكد اهتمام المجتمع اليمني برياضة المرأة وسعيه لدعمها وتطويرها.

وتضمن المهرجان العديد من الفعاليات المتنوعة، منها فقرات فنية وعروض كرنفالية، من قبل لاعبات أندية المحافظة، وتقديم لوحات استعراضية لعدد من الألعاب الرياضية، مثل: كرة قدم الصالات، والكرة الطائرة، وكرة الطاولة، والريشة، والشطرنج، وألعاب القوى، ورفع الأثقال، ولعبة الجيم، والكاراتيه، والتنس الأرضي.

هدف المهرجان إلى تنشيط العديد من الألعاب الرياضية وإحيائها لدى الفتيات وطالبات المدارس، وإعادة ترتيب وضع الرياضة النسائية الرائدة محليًا وعربيًا، من خلال السعي في وضع خطط وبرامج لتنمية رياضة المرأة وتطويرها.

كما شهدت مدينة تعز، في يوليو من العام 2023، مبادرةً مميزةً تهدف إلى نشر ثقافة السلام وتعزيز مشاركة المرأة في الرياضة، من خلال بطولة “الشطرنج من أجل السلام” التي نظمتها منظمة “طور مجتمعك”، بالتعاون مع مكتب الشباب والرياضة في محافظة تعز، وبالتشارك مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي. وقد شاركت 100 فتاة من مختلف الفئات العمرية، توزعت المشاركات على 80 مشاركة في المنافسة، و20 مشاركة في مهام الإشراف على المتسابقات، مما يدل على اهتمام الفتيات اليمنيات برياضة الشطرنج ورغبتهن في المشاركة في مثل هذه الفعاليات.

من جانبها نظمت الجمعية اليمنية للإعلام الرياضي، التي تعد منظمة مجتمع مدني مستقلة تعنى بشؤون الإعلام الرياضي، دورةً تدريبيةً حول الرياضة النسائية ضمت عددًا من الصحفيات اليمنيات، وهي تهدف إلى تعزيز مهارات الصحفيات في تغطية الأحداث الرياضية النسائية، وتسليط الضوء على إنجازات المرأة اليمنية في مختلف المجالات الرياضية.

 

المنظمات وأهميتها في دعم الرياضة النسائية

لعبت المنظمات دورًا مهمًا في دعم الرياضة النسائية في اليمن، من خلال توفير الفرص والموارد اللازمة للنساء للمشاركة في مختلف الأنشطة الرياضية.

ترى المدربة الرياضية إلهام الحداد أن للمنظمات دورًا كبيرًا في دعم الأنشطة الرياضية النسائية، مشيرة إلى تعدد الجهات التي تعني بدعم الرياضة النسائية في اليمن؛ إذ سعت المنظمات إلى توفير الفرص للرياضيات اليمنيات للمشاركة في الألعاب الأولمبية والبطولات الدولية عبر توفير الفرص اللازمة لهن، من خلال الدعم المالي والفني الذي يمكن الاتحادات والأندية الرياضية اليمنية من تنظيم البطولات والفعاليات الرياضية على مستوى المحافظات والمناطق المختلفة.

وأضافت: “استطاعت عددٌ من الاتحادات الرياضية النسائية تنظيم المسابقات الرياضية للنساء، وتطوير برامج تدريبية لهن، تعزز من مشاركتهن في مختلف الفعاليات الرياضية، كما أسهمت المنظمات في تمويل العديد من المشاريع الرياضية النسائية، مثل إنشاء مرافق رياضية جديدة، وتوفير معدات رياضية، وتنظيم برامج تدريبية”.

وبينت أن بعض الأندية الرياضية نفذت برامج تعزز من ثقافة الرياضة النسائية، من خلال توفير برامج رياضية للطالبات في المدارس والجامعات، وتشجيعهن على المشاركة في مختلف الأنشطة الرياضية.

وأكدت في حديثها أن المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني والأندية والاتحادات الرياضية تسعى جاهدةً إلى بناء قدرات العاملين في المجال الرياضي، عبر تنظيم دورات تدريبية للمدربين والحكام والإداريين والرياضيين، والعمل على نشر الثقافة الرياضية بين أفراد المجتمع، خاصة بين النساء، والعمل على تمكين المرأة في المجال الرياضي، من خلال تشجيعهن على المشاركة في مختلف الأنشطة الرياضية.

 

تحديات وصعوبات

في ظل الأوضاع الراهنة التي تمر بها اليمن، واجهت المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني عددًا من الصعوبات والتحديات، الأمر الذي حد من قدرتها على تقديم الدعم اللازم للأنشطة الرياضية النسائية بالصورة المطلوبة، والوصول إلى جميع المناطق لدعم الفعاليات الرياضية.

تعد الأوضاع الأمنية المتدهورة من أبرز التحديات التي تواجه عمل المنظمات المحلية والدولية في مواصلة دعم المجال الرياضي، وخاصة الرياضة النسائية؛ إذ إن الصراع القائم في اليمن من أبرز التحديات التي تواجه الرياضة النسائية، وتسبب بإيقاف الكثير من الأنشطة والفعاليات الرياضية النسائية في أكثر من محافظة.

كما أدى الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد إلى الحد من الميزانيات المخصصة للرياضة، مما نتج عنه نقص حادٌ في الموارد المالية المتاحة للمنظمات العاملة في المجال الرياضي، الأمر الذي قلل من فرص إقامة وتنفيذ البرامج الخاصة بدعم الأندية والاتحادات الرياضية النسائية، بالإضافة إلى النقص في البنية التحتية الرياضية، وضعف ثقافة الرياضة النسائية.

 

محاولات للتغلب على التحديات

على الرغم من التحديات التي تواجهها المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني الداعمة لمشاركة المرأة في الأنشطة الرياضية، فإنها ما تزال تواصل دورها في تقديم الدعم للأنشطة الرياضية السنوية. وللاستمرار في ذلك، وجب تكاثف الجهود والموارد لتفعيل دور المنظمات وتغيير الممارسات الاجتماعية والثقافية المقيدة لرياضة المرأة في اليمن، ومواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية.

وبحسب خبراء في المجال الرياضي، فإن العمل على زيادة نسبة الوعي بأهمية الرياضة النسائية يعد من أهم الأمور التي تؤثر على مجال الرياضة النسائية في اليمن، وذلك عبر تنفيذ العديد من الحملات الإعلامية والبرامج التوعوية التي يجب على المنظمات التركيز عليها. إضافة إلى أهمية تقديم المنظمات الدعم المادي والمعنوي للجهات العاملة في مجال الرياضة النسائية، مما يُسهم في تعزيز قدراتها وتطوير برامجها، والعمل توفير المرافق الرياضية المخصصة للنساء في مختلف المناطق من قبل المنظمات، خاصة في المناطق الريفية والمناطق التي تعاني من نقصٍ في الخدمات.

تمتلك المنظمات المحلية معرفة عميقة باحتياجات المجتمعات المحلية، ويمكنها إجراء تقييم شامل للاحتياجات الرياضية للنساء في مختلف المناطق. وبناءً على نتائج التقييم، يمكن للمنظمات المحلية تحديد المجالات التي تتطلب دعمًا خاصًا، مثل بناء مرافق رياضية جديدة، أو تجديد المرافق القائمة، أو توفير معدات رياضية مناسبة، أو حتى تحديد أولويات إعادة تأهيل البنية التحتية الرياضية النسائية. كما يمكن للمنظمات المحلية البحث عن فرص تمويل من مصادر مختلفة، مثل الحكومات المحلية، والمنظمات غير الحكومية، والقطاع الخاص.

تعد مشاركة المنظمات المحلية والدولية ضرورية؛ لضمان تطوير بنية تحتية رياضية مناسبة للمرأة، وتعزيز مشاركتها الفاعلة في مختلف الأنشطة الرياضية، من خلال العمل المشترك مع جميع الجهات المعنية، وخلق بيئة صحية وآمنة تمكن المرأة من ممارسة الرياضة والاستمتاع بها.