ياسمين عبدالحفيظالمرأة في التنمية والسلام

 

يعدُّ القانون هو النسيج الواصل بين أفراد المجتمع؛ إذ تأتي أهميته في كونه يضمن للأفراد حقوقهم، ويحفظ لهم حريتهم وحمايتهم من أي ظلم أو اعتداء، كما ترسخ القوانين مبادئ تحقيق العدل بين أفراد المجتمع، وتحقيق المساواة بينهم، بغض النظر عن الجنس أو اللون أو الطبقة الاجتماعية.

وتكمن أهمية تطبيق القوانين في تطور المجتمعات وازدهارها، وحصول المواطنين على الرخاء والأمان، وتتحقق مطالبهم في الجوانب والقطاعات كافة، بما يضمن تنظيم العلاقات بين الأفراد أنفسهم وبين الفرد والمعنيين داخل الدولة.

وقد سنّ الدستور اليمني العديد من القوانين التي تنظم حياة الفرد في جميع مناحي الحياة، ليحقق العدل والمساواة بين أفراد المجتمع كافة، ويحفظ لهم حقوقهم وكرامتهم، كما يتيح لهم الحصول على المشاركة الفعّالة في جميع قطاعات الدولة، ويمنح لهم الحق في أن يكون لهم دور في اتخاذ القرارات والوصول للمناصب القيادية بما فيهم النساء.

 

دور الإدارة العامة للشؤون القانونية

تعدُّ القوانين واللوائح التي تحكم قطاع التعليم العالي في أي دولة ركيزة أساسية لتطوير هذا القطاع وتحديثه، وفي حالة اليمن، فإن الجهود التي تبذلها وزارة التعليم العالي لإصدار هذه القوانين تعدُّ خطوة مهمة في سبيل تطوير العملية التعليمية والبحث العلمي.

ومن اللوائح القانونية التي تنفذها الإدارة العامة للشؤون القانونية في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي؛ الإعداد والمراجعة لمشاريع القوانين واللوائح والقرارات الخاصة بالأنظمة ومهام الوزارة، ومناقشتها مع المختصين داخل الوزارة وخارجها، ومتابعة إجراءات إصدارها ونشرها، ومتابعة المسائل القانونية مع وزارة الشؤون القانونية وسائر أجهزة الدولة، ودراسة مشاريع القوانين والقرارات واللوائح للوزارات والمؤسسات والمصالح الحكومية المتصلة بنشاط الوزارة.

كما تعمل على إعداد مشاريع العقود والاتفاقيات المختلفة التي تبرمها الوزارة مع الجهات الأخرى، وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة داخل الوزارة وخارجها، وإعداد مشروعات القرارات الوزارية ومتابعة إصدارها وترقيمها وحفظ أصولها، ومراجعة النظم والقرارات واللوائح المعمول بها في الوزارة ورفع المقترحات المناسبة لتطويرها بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة داخل الوزارة، بالإضافة إلى نشر الوعي القانوني في مجال مهام عمل الوزارة بين العاملين في ديوان الوزارة والوحدات التابعة لها، والنظر في الشكاوى والتظلمات لمختلف القضايا القانونية المحالة إليها من قيادة الوزارة، وغيرها من المهام.

 

بنود اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات

استعرضت اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات اليمنية رقم 32 لسنة 2007م، في أبوابه الخمسة، العديد من اللوائح القانونية التنظيمية التي تتعلق بتنظيم العملية التعليمية والبحث العملي؛ إذ شمل الباب الثاني على تكوينات المجالس واختصاصاتها، التي تتضمن في فصولها التسعة: تعريف دور المجلس الأعلى للجامعات، ومجلس الجامعة، والمجلس الأكاديمي، ومجلس الدراسات العليا والبحث العلمي، ومجلس شؤون الطلاب، ومجلس شؤون المكتبات والتوثيق والنشر والترجمة، ومجلس الكلية أو المعهد أو المركز، ومجلس القسم العلمي، والأحكام المشتركة للمجالس.

وفي القانون رقم 13 لسنة 2005م بشأن الجامعات والمعاهد العليا والكليات الأهلية التي تشمل ستة فصول، يتضمن الفصل السادس أحكامًا عامّة وانتقالية؛ إذ تشير المادة رقم 50 إلى “أنّ     للجامعة أو المعهد العالي أو الكلية أن تستعين بأعضاء هيئة التدريس من ذوي الإنتاج العلمي المنهجي، وممّن عُرف عنه الاشتغال بالعلم والفتوى والتدريس الشرعي ممّن لا يحملون شهادة الدكتوراه، شريطة إخضاعهم للتقويم من قبل لجنة تشكلها الوزارة من المختصين من الجامعات الحكومية والأهلية”. وهذا الأمر يشمل الرجال والنساء.

وذكر الفصل الثالث من الباب الثاني الأمور التي ينظر إليها (المجلس الأكاديمي)، وذلك في المادة رقم18 ، التي تشمل مراجعة وثائق المتقدمين لشغل وظائف أعضاء هيئة التدريس وفحصها، وتقرير مدى صحتها وكفايتها للتعيين في الجامعة، ورفعها إلى مجلس الجامعة، وتسوية أوضاع أعضاء هيئة التدريس، وتقرير الأمور المتعلقة بالتفرغ العلمي والترقيات والإعارة والإجازات، وغيرها من المسائل المتعلقة بالأداء الأكاديمي، والبت في تعيين أعضاء هيئة التدريس المساعدة، وتسوية أوضاعهم، والمسائل المتعلقة بأداء واجباتهم، وتطبيق أحكام القانون.

وفي الفصل الرابع المتعلق بمهام مجلس الدراسات العليا والبحث العلمي، ذكرت المادة رقم 20 أنّ المجلس يعمل على تنظيم شؤون الدراسات العليا والبحث العلمي وتشجيعه وتوفير الدعم المادي والمتطلبات الأخرى، واقتراح السياسة العامة للدراسات العليا والبحث العلمي في المجالات المختلفة، ويحدد نظام الدراسات العليا وقواعد قبول الدارسين، وغيرها من المهام.

 

تطبيق القانون لتمكين المرأة في التعليم العالي

يقول المحامي عمر الحميري: “لا تخلو القوانين واللوائح المنظمة للتعليم العالي في اليمن من النصوص القانونية التي تحمي مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين في المجالات والتخصصات كافة، بما فيها المنح الدراسية والابتعاث، والتعيين في الوظائف الأكاديمية والإدارية القيادية، والبرامج الأكاديمية، وغيرها من الفرص في المجالات كافة دون استثناء”.

ويرى أنّه رغم أنّ القوانين اليمنية ذكرت نصوصًا صريحة حول المساواة في الفرص التعليمية بين الرجال والنساء، خاصة في القانون اليمني في المادة 41 التي تنص على “أنّ المواطنين جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة”، وفي المادة 24  التي تنص على “أنّ الدولة تكفل تكافؤ الفرص لجميع المواطنين سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا، وتصدر القوانين لتحقيق ذلك”، وعلى الرغم من ذلك فالواقع الحالي يشير إلى العديد من التحديات التي تحدُّ من التطبيق الفعلي للعديد من القوانين؛ بسبب العوامل الاجتماعية والثقافية وأيضًا الاقتصادية.

وذكر الحميري بعض التحديات التي قد تواجهها النساء في مواصلة مسيرتهنّ التعليمية في المجال الأكاديمي، وتشمل التقاليد والعادات الاجتماعية في بعض المناطق؛ إذ تواجه النساء معارضة من أسرهنّ أو مجتمعاتهنّ عند محاولة الحصول على التعليم العالي، والتمييز غير الرسمي، والمقصود به عدم وجود نصوص قانونية تمييزية، ومع ذلك تواجه النساء تمييزًا في القبول أو التعيين أو الترقية داخل الجامعات، والبيئة الجامعية التي قد تكون غير مشجعة للنساء بسبب قلة الدعم، وعدم توفير خدمات خاصة بالنساء، أو قد يكون هناك تحيزات تميزية داخل الوظائف الأكاديمية.

هنا يوضح أنّ من المهم النظر في التطبيق العملي للقوانين والنصوص اليمنية المتعلقة بحقوق المرأة بشكل عام، وعلى وضعها في التعليم العالي على وجه الخصوص؛ إذ قد تكون القوانين عادلة ومنصفة، لكن عملية الإشراف على تطبيقيها غير مؤثرة أو واقعية، الأمر الذي يشكل تأثيرًا اجتماعيًّا وثقافيًّا يخلق فجوة في الفرص بين الرجال والنساء.

 

تطبيق القوانين وتحديثها في اليمن

في هذا الشأن يقول المحامي خالد الكمال: “إنّ في جميع دولة العالم توجد لجنة خاصة لمراجعة القوانين وتعديلها والإشراف على تنفيذها، ودائمًا ما تكون هيئة مستقلة مسئولة عن إخراج توصيات ومقترحات تنفذ دون إجراء أي تغيرات في القوانين أو إعادة هيكلتها”.

ويضيف: “للأسف الشديد عندنا في اليمن السلطة التشريعية التي تعدُّ منحصرة في مجلس النواب أو الشورى غير مفعّلة في الوقت الراهن، ونلاحظ أنّ هناك بعض القوانين تحتاج إلى تعديلات جذرية أو تغييرها بعدِّها غير منصفة للمرأة على وجه الخصوص، خاصة في قانون العمل والأسرة وغيرها من القوانين”.

وأكد الكمال في حديثه أنّ من يشرف على صياغة القوانين وتعديلها لهم مصالح مختلفة ومتنوعة، وبالتالي وجودها بالشكل والمضمون الحالي يخدم مصالحهم، لذلك لا توجد بوادر أمل لتغيير كثير منها أو تعديلها.

ويرى أنّ وضع البلاد المنقسم منذ سنوات عدة، بالإضافة إلى الدمار الذي تشهده كثير من مؤسسات البلاد ومنها المؤسسات القانونية، أسهم في عدم تغيير عملية تنفيذ بعض قوانين البلاد أو إجراء تعديلات عليها حسب الواقع.

وتشير العديد من التقارير إلى وجود فجوات كبيرة في مجال المساواة بين الجنسين في مجال التعليم العالي والدراسات العليا، بالإضافة إلى قلة الفرص للنساء في المجال الأكاديمي، ولتحقيق المساواة المنشودة، يتطلب الأمر جهودًا حثيثة من قبل الدولة والمجتمع المدني، وذلك بسنِّ قوانين جديدة، وتعديل القوانين القائمة، وتغيير النظرة المجتمعية للمرأة.