حنان حسينالمرأة في التنمية والسلام

 

للنساء اليمنيات نجاحات وقصص تحظى بالإعجاب والتقدير، فرغم الصعوبات والتحديات نجدهن يسعين بكل جد واجتهاد إلى حيازة مناصب وأماكن تليق بهن. ومن تلك القصص قصة نجاح لفتاة واجهت الكثير من التحديات التي امتدت من جبال ريمة وسهولها لتصل وتحلق في سماء تونس، كباحثة وإعلامية كان لها دور كبير في عمل منصة إعلامية معروفة تناقش وتدعم قضايا النساء عامة.

 

(وفاء صالح) واحدة من بنات محافظة ريمة، صارت باحثة في علوم الإعلام والاتصال، وحاصلة على ماجستير في الإعلام، وحصلت على منحة لمعهد الصحافة وعلوم الأخبار في تونس، وبفضل اجتهادها وسعيها لاكتساب المعرفة باستمرار، وإيمانها بقوة العلم في تطوير المجتمعات وتنميتها. اجتهدت حتى حازت على المركز الثاني على دفعتها، وكانت عنوان رسالتها “دور المنصات الرقمية اليمنية في إبراز قضايا المرأة في الفضاء العمومي البديل (الرقمي): المنصات الخاصة بالمرأة اليمنية مثالًا”.

 

البدايات

تتحدث الباحثة عن بدايتها قائلة: “كنت أنا أول شخص، من بين بنات عائلتي وأولادها، يدخل الجامعة ويلتحق بتخصص الإعلام، فلا أحد منهم قد خاض تجربة دراسة البكالوريوس ولم يهتموا بتعليم الفتيات، فكنت أشعر أن تحقيق الحلم صعب جدًا، لكنني حققته”.

وتضيف: “تمنيت أن أصبح مراسلة ميدانية تأثرًا بمراسلي القنوات الإخبارية العربية، خاصة الذين كانوا يغطون الأحداث في فلسطين وغيرها. وبعد تخرجي من الثانوية، وبتشجيع من معلمة الرياضيات، أخبرت أبي أني أريد إكمال دراستي في هذا التخصص، لكن والدي حينها قال لي “سنراك بالتلفزيون؟”، فقلت نعم. وبعد محاولات وافق على ظهوري، وهذا حفزني كثيرًا؛ لأنني لم أتوقع أن يوافق أبدًا خاصة أن أمي ظلت رافضة دخولي مجال الإعلام”.

التحقت وفاء بكلية الإعلام، لكن رحلة الدراسة فيها لم تكن سهلة في ظل القيود الأسرية؛ إذ كانت تدرس وتعمل في الوقت ذاته، ومع ذلك تميزت وحققت المراكز الأولى على الدفعة. على الرغم من ذلك ما زالت والدتها ترفض دخولها المجال الإعلامي، ووالدها ظل يشجعها، خاصة بعدما شاهدها تُكرَّم من قبل الجامعة، وسمع عنها إشادات كثيرة حول مستواها التعليمي.

في سنتها الثالثة في دراسة البكالوريوس شاركت في مسابقة مذيع الكلية وفازت بالمركز الثاني، ثم عملت في راديو شباب نت، وفي السنة الرابعة تزوجت لكنها لم تتوقف وأكملت عامها الجمعي. وعلى الرغم من أنها أصبحت أمًا فإنها لم تتوقف، وواجهت الصعوبات واستمرت في العمل في عدة وسائل إعلامية.

درست وفاء السنة التحضيرية للماجستير في الإعلام في العامين 2018-2019م، في كلية الإعلام بجامعة صنعاء، وخلال دراستها أنشأت منصة خاصة بالمرأة هي “نسوان فويس” عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتدريجيًا أصبح لديها موقعٌ إلكتروني، وحققت الكثير من التقدم والنجاح؛ وهذا ما دفعها -هي وزميلات لها- إلى إكمال هذا الطريق، إيمانًا بأهمية الرسالة التي يحملنها.

 

الفوز بمنحة

في ظل الصراع الدائر في اليمن، ظلت في داخلها رغبة إكمال الدراسات العليا. وفي ظل الوضع الصعب لعمل الصحفيين في اليمن، قدمت وفاء في منحة تابعة لوزارة التعليم العالي للدراسة في الخارج، وفازت في العام 2020م بمنحة إلى تونس لدراسة الإعلام؛ لتبدأ رحلة جديدة في مواصلة مسيرتها التعليمية في بلد جديد.

وعن حصولها على المنحة تحدثت وفاء بفرحة غامرة قائلة: “فرحت بحصولي على منحة الدراسة في تونس وتحقيق حلمي بالدراسات العليا، خاصة أنني ظللت لمدة ثلاث سنوات أقدم للحصول عليها من الوزارة حتى حصلت عليها، وقد اتجهت لدراسة اللغة الفرنسية، لكن المدة كانت قصيرة؛ فدرست دورة واحدة في اللغة قبل بدء الدراسة للمنحة”.

وتضيف: “كان المنهج في تونس أقوى من المناهج اليمنية، وأغلب المواد تُدرس بلغة أخرى، لكنني استطعت أن اجتهد بشكل مضاعف، وأستمر في القراءة والاطلاع ومحاولة ترجمة المفردات وحفظها، والسعي لاكتساب المعرفة دائمًا حتى تغلبت على هذا العائق”.

 

التحديات

وفي حديثها عن أبرز التحديات التي واجهتها، تقول: “واجهت بعض التحديات مثل فهم اللهجة التونسية التي كانت جديدة ومختلفة بالنسبة لي، ووجود نظام دوام طويل لديهم، ووجود أطفالي حولي في وقت دراستي واحتياجي للتفرغ. كذلك كان مناخ تونس يسبب لي ضغطًا؛ لأنني لم أعتد عليه مسبقًا، ولا ننسى أن الغربة كانت تثقل بكاهلها علي، بالإضافة إلى الجانب المادي وتكاليف الحياة، وكانت لغة التدريس لنصف المواد باللغة الفرنسية ولم أكن أتقنها حينها، لكنني اجتهدتُ وتخطيت كل هذه الصعاب”.

تحدت وفاء العوائق وتصدت لها بالعلم والمعرفة، واستطاعت التميُّز حتى حصلت على الترتيب الثاني على دفعتها في المعهد، تقول: “على الرغم من الصعوبات، بذلت كل جهد للتغلب عليها؛ إذ مررت بلحظات يأس كثيرة لكني استطعت النجاح والحصول على معدل ممتاز، وأيضًا على المراكز الأولى على مستوى الدفعة”.

 

نصائح

تتحدث وفاء قائلة: “في الغالب نجد أن نسبة ابتعاث الطالبات أقل بكثير من ابتعاث الطلاب، ربما لأسباب عدة أهمها أن عدد المتقدمين الذكور أكثر من الإناث، وربما لتميزهم أكثر، وأن الوضع العام في اليمن صعب في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها؛ الأمر الذي أثر بشكل سلبي على النساء بدرجة رئيسة”.

وأكدت أنه في ظل التقدم العالمي في مختلف المجالات، يجب على المرأة أن تمتلك مهارات كثيرة، كاللغة والمهارات التقنية والدراسات العليا، فكل هذا يفتح أمامها فرصًا أكبر لتنفع نفسها وعائلتها والمجتمع.

you might also like