أفراح بورجيالمرأة في التنمية والسلام

 

رغم استمرار الصراع وتأثير تداعياته على المواطن اليمني، والمرأة بدرجة رئيسية، من مختلف الجوانب والقطاعات، فإن هناك قصصَ نجاح وتفوقٍ تحققها المرأة وتبعث الأمل الكبير في أن هناك نساء قادرات على مواجهة كل التحديات في بلد يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

قصة الدكتورة ثريا محمد، من محافظة الحديدة، تؤكد أن الظروف الصعبة لا تقف عائقًا أمام من يريد تحقيق أحلامه، خاصة إذا كانت تتعلق بالتعليم؛ إذ كان حلمها منذ الصغر أن تصبح طبيبة، وعند تخرجها من الثانوية وحصولها على منحة دراسية خارج الوطن واجهت الكثير من التحديات التي استطاعت أن تتغلب عليها للهجرة إلى بريطانيا.

لم تكن رحلة ثريا سهلة؛ إذ كانت لحظة هبوط الطائرة في العاصمة البريطانية صعبة بالنسبة لها، فقط اختلطت مشاعرها ما بين الفرح لتحقيق حلمها والخوف من المجهول، ولم يمر من الوقت الكثير إلا ووجدت نفسها في عالم مختلف تمامًا لم تكن مستعدة له بشكل كامل، عالم تغلب عليه اللغة الإنجليزية في كل مناحي الحياة، وعادات وتقاليد جديدة، وعادات اجتماعية مختلفة.

واجهت ثريا تحديًا كبيرًا يتمثل في الفارق الثقافي، والضغوط الدراسية، والظروف المادية الصعبة، وكلها عوامل زادت من صعوبة تكيُّفها مع الحياة الجديدة. وعلى الرغم من ذلك، لم تستسلم وأصرت على مواصلة طريقها نحو تحقيق حلمها.

أثناء دراستها في الجامعة، تعرضت ثريا لموجة من التنمر من قبل زملائها، وكان الأشد إيلامًا تنمر بعض الطلاب العرب؛ إذ كانت الكلمات الجارحة تلاحقها في كل مكان، وتؤثر بشكل كبير على شخصيتها وهويتها اليمنية.

 

الكفاح من أجل الحلم

لم تعتمد ثريا على المنحة الدراسية فقط، بل عملت في وظائف مختلفة لتمويل دراستها في بريطانيا؛ فعملت كنادلة في أحد المطاعم، وصممت الشعارات عن بعد، وكانت تعمل لساعات طويلة، وتدرس في الوقت نفسه، وكانت سعيدة؛ لأنها تقترب من تحقيق حلمها في أن تصبح طبيبة.

بعد سنوات من الكفاح والتحدي، نجحت ثريا وتخرجت من الجامعة، وحصلت على الجنسية البريطانية، وها هي اليوم تعمل طبيبة في أحد مستشفيات بريطانيا، وتسهم في تقديم الرعاية الصحية للمرضى.

قصة ثريا تعد قصة إلهام لكل من يحلم بتحقيق المستحيل، إنها قصة عن قوة الإرادة والعزيمة، وقصة عن الانتصار على الصعاب. إنها قصة عن فتاة يمنية شابة تحدت الظروف، وتحولت إلى مصدر إلهام لكثير من الناس.

 

تحديات المرأة في الشتات

في رحلة البحث عن حياة أفضل، تترك العديد من الأمهات أوطانهن متوجهات إلى بلاد المهجر. ومع هذا الانتقال الجغرافي، تبرز تحديات جديدة أبرزها سعي الأمهات لتأمين مستقبل مشرق لأطفالهن في التعليم، ذلك الحلم الذي تتوق إليه كل أم.

عفاف عبدالله إحدى تلك الأمهات التي تعيش حاليًا في مصر، فهي إعلامية وكاتبة قصصية تعبر عن معاناتها قائلةً: “أكبر التحديات التي تعرضت لها هي كيفية ضمان دخول أبنائنا إلى الجامعة، خاصةً أنهم لا يحملون الجنسية المصرية، وتكاليف الجامعات الخاصة هناك مرتفعة للغاية، ونحن نفكر بقلق شديد في كيفية توفير هذا المبلغ الضخم”.

تؤكد عفاف أن تحدي توفير التكاليف المادية للجامعة ليس حكرًا عليها، بل يشترك فيه العديد من صديقاتها اليمنيات؛ فعلى الرغم من نجاح بعضهن في إلحاق أبنائهن بالجامعة، فإن هذا الإنجاز تحقق بعد صراع طويل مع الظروف المادية الصعبة.

وتضيف: “اضطر بعضهم للتوقف عن الدراسة بسبب عدم توفر المال، ولكنهم اكتسبوا لغة جديدة، وهذا هو الهدف الأسمى للهجرة بالنسبة للكثيرين؛ إذ تعتبر مصر محطة عبور نحو حياة أفضل في بلدان أوروبا مثل كندا وبريطانيا وأمريكا”.

وقالت: “وجدت في مصر بيئة ملائمة للإبداع، فالحياة هنا أكثر سلاسة وبساطة، ووجود الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء يسهم بشكل كبير في تحقيق الاستقرار النفسي، مما أتاح لي الفرصة لمواصلة الكتابة وإنتاج مجموعتين قصصيتين للأطفال”.

وتضيف: “يعيش شقيقي في كندا مع أطفاله منذ خمس سنوات تقريبًا، وهم على وشك الحصول على الجنسية الكندية، ورغم أنهم بدأوا في الاندماج في المجتمع الجديد، فإنهم يواجهون تحديات كبيرة، أبرزها فقدان الأطفال للغة العربية، بالإضافة إلى الشعور بالغربة والعزلة بسبب عدم وجود الأهل والأقارب، وهذا الفراغ العاطفي والنفسي يؤثر عليهم بشكل كبير. كما أنهم يشعرون بالقلق من العودة إلى الوطن بسبب الظروف الصعبة والانتكاسة التي قد يتعرضون لها على مستوى التعليم والأمن”.

وتكمل: “تواجه بعض النساء المحجبات في بلاد المهجر صراعًا خاصًا، يتمثل في الحفاظ على هويتهن الإسلامية من خلال الحجاب، في ظل وجود مجتمعات متعددة الثقافات. ورغم أن الحجاب لم يعد غريبًا في هذه المجتمعات، فإن هناك تحديًا يتمثل في بناء صورة إيجابية جديدة للمرأة المحجبة”.

وأشارت إلى أن هناك العديد من المحجبات يسعين إلى تقديم أنفسهن كنساء متعلمات، يعملن في مختلف المجالات مثل الطب والتعليم والهندسة، ويرين في الحجاب رمزًا لهويتهن الإسلامية، ويسعين للحفاظ عليه بكل قوة، وهو ما فرض في بعض المجتمعات الاحترام والتقدير”.

وبينت أن هناك بعض النساء المحجبات يواجهن تحديات أكبر؛ إذ لجأن للهجرة بمفردهن مع أطفالهن بعد الطلاق بحثًا عن حياة أفضل، وقد أمضين سنوات في مخيمات اللاجئين قبل الحصول على اللجوء، وتعرضن لصعوبات كبيرة في توفير حياة كريمة لأطفالهن، كما يخشين من العودة إلى بلادهن الأصلية بسبب الظروف الصعبة التي عشنها سابقًا.

 

تمثيل النساء في المجتمعات المضيفة

“تحديات حياة المهجر هي ذاتها للمرأة والرجل، ولكن قد تواجه المرأة تحديات إضافية كفقدها للدعم الأسري والعائلي، خاصة في مواقف معينة تكون فيها المرأة بأمس الحاجة إلى وجود أفراد عائلتها بالقرب منها، كلحظة مرضها أو مرض أحد أطفالها، أو في المناسبات الخاصة والعامة كالأعياد”، هذا ما أشارت إليه الإعلامية أمل علي المقيمة في تركيا.

وأوضحت أن تمثيل النساء اليمنيات في المهجر ضعيف مقارنة ببقية الجاليات العربية الأخرى؛ وذلك يعود إلى طبيعة المجتمع اليمني الذي لا يشجع كثيرًا على انخراط المرأة في مجال العمل والحراك السياسي والمجتمعي خاصة في بلاد المهجر.

وأضافت أمل أن تفاعل المرأة اليمنية مع المجتمعات المضيفة محدود، ولعل أبرز مشاركاتها تقتصر على نطاق الجالية اليمنية، كالتفاعل والمشاركة بفعاليات الجالية وأعمالها وأنشطتها، وأيضًا فيما تلعبه من دور مهم في تربية أطفالها، وما يتعلق بتعزيز هواياتهم الوطنية والحفاظ عليها.