المرأة للتنمية والسلام – هبة محمد

 

تعد سيدات الأعمال في اليمن جزءًا حيويًا من القوة الاقتصادية والمحرك الحقيقي للتنمية المستدامة، إذ يسعين جاهدات إلى تحقيق نجاح وازدهار في بيئة اقتصادية تمتلك تحدياتها وفرصها، في ظل ظروف اقتصادية صعبة؛ إذ يأخذ دور الجهات الرسمية أهمية بالغة في تمكين سيدات الأعمال ودعمهن لتحقيق النجاح والنمو المستدام.

الجهات الرسمية والنشاط الاقتصادي للمرأة

تتفاوت الأدوار التي تقوم بها الجهات الرسمية في تسهيل الأعمال والإجراءات لسيدات الأعمال في اليمن، فهناك من يقول إنها تلعب دورًا مهمًا وأساسيًا في تقديم الخدمات والتسهيلات للأعمال التجارية للمرأة وغيرها، وهناك أيضًا من يقول إن التحديات التي تواجه سيدات الأعمال أكبر بكثير مما يظهر على أرض الواقع.

تقول خولة الإرياني -مديرة سيدات الأعمال في الغرفة التجارية، محافظة إب-: “تتبنى الغرفة التجارية دورًا حيويًا في تمكين سيدات الأعمال اليمنيات ودعم نشاطهن الاقتصادي، وبصفتي مديرة سيدات الأعمال في الغرفة التجارية، أعمل جنبًا إلى جنب مع الموظفين لتوفير التسهيلات والخدمات التي تعزز نجاح سيدات الأعمال وتسهم في تطوير أعمالهن”.

وتكمل: “تعد البطائق التجارية الخاصة بسيدات الأعمال أحد الإجراءات التي نقدمها لتسهيل نشاطهن التجاري؛ إذ تقدم هذه البطائق فوائد عديدة، بما في ذلك تعريفهن كسيدات أعمال محترفات وتعزيز مصداقيتهن في السوق. ونولي اهتمامًا خاصًا لمعالجة طلبات إصدار البطائق بشكل سريع وفعال، حتى تتمكن السيدات العاملات من الاستفادة الفورية من هذه الفرصة”.

وأضافت بالقول: “بالإضافة إلى ذلك، نقدم دعمًا لسيدات الأعمال في قطع جوازات السفر بمهنة سيدة أعمال، وهذا يعزز مكانتهن وتأثيرهن في الساحة العملية، ونحن نعمل على تبسيط الإجراءات وتوفير التوجيهات اللازمة لهن للحصول على جواز السفر المهني بسهولة ويسر”.

مؤكدةً أهمية تقديم المساعدة اللازمة لسيدات الأعمال في التعامل مع الجوانب القانونية المتعلقة بأعمالهن، بما في ذلك التواصل والتفاعل مع المكاتب الأخرى والجهات الحكومية ذات الصلة، إذ تحرص الغرفة التجارية على توفير المشورة القانونية والإرشادات اللازمة لضمان المشاريع الناجحة والامتثال للمتطلبات القانونية.

من جانبها تقول جواهر علي -مدير برنامج الاتحاد للتمويل الأصغر-: “تلعب الجهات الرسمية -مثل الصندوق الاجتماعي، بالإضافة إلى المنظمات المجتمعية- دورًا مهمًا في دعم سيدات الأعمال وتمكينهن من النجاح والاستمرارية؛ إذ تقوم هذه الجهات بتقديم التدريب والتأهيل لسيدات الأعمال، بهدف تطوير مهاراتهن وزيادة قدراتهن العملية، كما تسهم المعارض والبازارات في تعزيز ريادة الأعمال لدى النساء، وتوفِّر منصات لعرض وتسويق منتجاتهن وخدماتهن”.

وتتابع: “من جانب آخر، يقدم البرنامج الذي نديره تمويلات ميسرة لدعم سيدات الأعمال في تنفيذ أنشطتهن، ويتضمن هذا البرنامج أيضًا إجراء دراسات جدوى لمشاريعهن، بهدف تحديد احتياجات رأس المال وتقييم قدرتهن على الاستمرارية في العمل. نحن نعمل جنبًا إلى جنب مع سيدات الأعمال لمساعدتهن في تحقيق أهدافهن المالية وتحقيق النجاح المستدام”.

 

وتشارك الدكتورة فوزية ناشر -رئيسة سيدات الأعمال في اليمن- بالقول: “في الآونة الأخيرة، يلاحظ وجود اهتمام متزايد من الجهات الرسمية بسيدات الأعمال اليمنيات، وهذا الاهتمام يشير إلى وجود توجه من الدولة لدعم وتعزيز قطاع سيدات الأعمال”.

 

فيما تشير سارة سلام -باحثة في التمكين الاقتصادي ومدربة سيدات- إلى أن الجهات الرسمية تؤدي دورًا مهمًا في دعم سيدات الأعمال من خلال توفير التدريب والتأهيل اللازم لهن، وتُسهِّل الإجراءات المطلوبة للسيدات العاملات، وتقدم خدمات محددة تهدف إلى دعم المرأة وصاحبات المشاريع، لكنهن ما يزلن بحاجة إلى زيادة الإنتاجية باستخدام أساليب حديثة وتطبيق خطط استراتيجية واضحة”.

تسهيلات رسومية وقرارات قادمة

في إطار تقديم التسهيلات لسيدات الأعمال تقول ناشر: “تقوم وزارة التجارة والصناعة بإصدار عدة قرارات تهدف إلى تسهيل عملية تسجيل المشاريع لدى سيدات الأعمال، وتهدف هذه القرارات أيضًا إلى منح السيدات العديد من الإعفاءات في الرسوم التي كانت تُفرض سابقًا. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ فما تزال هناك قرارات أخرى قادمة تهدف إلى دعم سيدات الأعمال وتمكينهن في مسيرتهن الريادية”.

وعن السياسات والإجراءات التي تتبناها الوزارة لتشجيع المشاركة النسائية في الأعمال الحرة أشارت ناشر إلى أن وزارة التجارة والصناعة تتبنى سياسات وإجراءات متعددة لتشجيع المشاركة النسائية في الأعمال الحرة.

وأضافت: “تعد الإعفاءات من الرسوم والتسهيلات من بين أهم السياسات التي تُعزز نشاط دور سيدات الأعمال وتسهم في توسيع نطاق أعمالهن الحرة وانخراطهن في سوق العمل، كما توفر هذه الإجراءات الدعم المالي والتسهيلات الإدارية الضرورية للنساء الراغبات في بدء مشاريعهن الحرة أو توسيعها، مما يسهم في تعزيز دور المرأة الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة”.

وأفادت أيضا أن وزارة التجارة والصناعة والغرفة التجارية في اليمن تقدم العديد من البرامج والمبادرات التي تهدف إلى تدريب سيدات الأعمال وتمكينهن، تشمل هذه البرامج بناء القدرات في مجالات متنوعة، بما في ذلك التسويق وإدارة الأعمال. وحسب ناشر فإن الوزارة والغرف التجارية تقوم بتنظيم مسابقات مختلفة تهدف إلى تعزيز المنافسة وتشجيع التميُّز بين سيدات الأعمال اليمنيات.

وتؤكد أن الغرف التجارية هي من تقوم بتذليل جميع المعوقات والاحتياجات التي تواجهها سيدات الأعمال، بوصفها الكيان الذي يسمع فيه صوت سيدات الأعمال دائمًا ويُتفاعل مع قضاياهن.

وحسب ناشر أيضًا، فإن الغرف التجارية تقدم المساعدة والإرشاد فيما يتعلق بالتحديات المتعلقة ببدء الأعمال التجارية وتشغيلها، بما في ذلك المشورة القانونية والمالية والتسويقية، كما تسهم في توفير الفرص التجارية وتعزيز التواصل والتعاون بين سيدات الأعمال، مما يعزز تنمية القطاع وتعزيز دور المرأة في الاقتصاد.

نقص الدعم الحكومي  

في عام 2018، ظهرت وفاء علي الجابري كسيدة أعمال مشهورة في اليمن، معروفة بلقب “أم البنات”، تعمل وفاء كموظفة في مجال الشؤون الاجتماعية والعمل، ولديها مشروع يهدف إلى تدريب النساء وتمكينهن للاندماج في سوق العمل وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

تعيش وفاء مع عائلتها في منطقة الخساف في مدينة عدن، وهي منطقة فقيرة ومهمشة تحتاج إلى العديد من الخدمات لتحقيق رؤيتها؛ لذا أقدمت على طلب المساعدة من الجهات الرسمية، مثل وزارة التجارة والتمويل، لكنها لم تجد أي دعم فعلي. وعلى الرغم من محاولاتها لفتح مركز تدريب صغير، فإنها واجهت صعوبات في سداد الرسوم والضرائب، إذ لم يكن لديها أي دخل مالي يذكر.

تجد وفاء صعوبة في الحصول على دعم من الجهات الرسمية، إذ لا تتوفر مبادرات أو برامج تدريبية أو معارض تستهدفها وتدعمها في مجال عملها. وحسب وفاء فإن الدعم محصور على أشخاص محددين، باستثناء الغرفة التجارية التي قدمت تخفيضًا في دفع الرسوم.

علاوة على أن وفاء تعاني من زيادة رسوم السجل التجاري وتأثرها بالوضع الأمني في البلاد، فغنها تواجه صعوبات في الحفاظ على استدامة مشروعها ومواجهة تحديات الاقتصاد المتقلب.

تحديات وتعزيز قدرات

وفيما يتعلق بالتحديات تقول ناشر: “غالبًا ما تنشأ المشاكل والصعوبات نتيجة للإجراءات التقليدية والروتينية، على سبيل المثال في عملية تسجيل المشاريع؛ إذ ما تزال العديد من سيدات الأعمال خارج الاقتصاد المنظم بسبب هذه العقبات”.

وأضافت: “ومن التحديات سياسات البنوك التي تفرض فوائد مرتفعة على القروض، كما تواجه سيدات الأعمال الناشئات قلة الخبرة في دراسة السوق مقارنةً برجال الأعمال، وتفتقر البيئة التجارية لحاضنات تقدم خدمات الاستشارات والتدريب وتطوير المشاريع. بالإضافة إلى ذلك، ينقص وجود قواعد بيانات ومنصات نشطة تخدم سيدات الأعمال”.

وعن الخطوات اللازمة لتعزيز الوعي بأهمية دعم سيدات الأعمال تشير ناشر إلى أن من بين هذه الخطوات رفع كفاءة السيدات وتطوير مهاراتهن وقدراتهن عبر برامج تعزز نمو مشاريعهن وتطويرها، وتنسيق جهود سيدات الأعمال مع أصحاب المصلحة المختلفين للتغلب على العقبات التي تعوق تطورهن، سواء فيما يتعلق بالتمويل، التسويق، الاستشارات، أو غيرها من العوائق التي تعرقل نمو سيدات الأعمال في اليمن، خاصة صاحبات المشاريع الصغيرة.

فيما أشارت الجابري بالقول: “لتمكين المرأة اليمنية في قطاع الأعمال، يجب أن تكون هناك حاضنة من قبل وزارة التجارة والتمويل لدعم السيدات الراغبات في بدء مشاريعهن وتنميتها، وينبغي أن تُوّفر برامج تدريبية مخصصة ودعم مالي لتخفيض الرسوم والضرائب، وتعزيز التعاون بين القطاع العام والخاص”.