علياء محمدالمرأة في التنمية والسلام

 

شهدت رياضة المرأة اليمنية طفرة غير مسبوقة في السنوات الأخيرة؛ إذ ازدادت مشاركة المرأة في مختلف الألعاب الرياضية بشكل ملحوظ، وحققت إنجازات ونجاحات مشرفة على المستوى المحلي والعالمي. ولعبت النساء اليمنيات المشاركات في الأنشطة الرياضية دورًا مهمًا ورائدًا في دعم مشاركة المرأة وتعزيزها في مختلف الأنشطة الرياضية، عبر تشجيع الفتيات على الانخراط في المجالات الرياضية المختلفة، وتقديم الدعم والإرشاد للمواهب النسائية الناشئة، وخلق بيئة داعمة ومُحفزة للفتيات والنساء للمشاركة في الأنشطة الرياضية.

تؤكد خديجة آدن محمد -عضو اتحاد الشطرنج في عدن- على التألق الذي شهدته رياضة المرأة في عدن خلال عقدي السبعينات والثمانينات، فقد تميزت تلك الفترة بوجود فرق وأندية نسائية متميزة، كان لها دور كبير في كل نادٍ من أندية عدن، وكانت تقام فعاليات موسمية للنساء في كل سنة، يشهدن فيها تنافسًا شديدًا على المراكز الأولى والثانية والثالثة.

وأوضحت أنه بعد الثمانينيات، بدأت رياضة المرأة في عدن بالتراجع، وفقدت الأندية اهتمامها بالنشاط النسائي، وقلت فعالياته من قبل الجهات المنظمة له في وزارة الشباب والرياضة، واقتصرت رياضة المرأة على بعض الفعاليات التي تقام كل فترة وأخرى بشكل متباعد.

وأشارت إلى أن الاتحاد الوحيد الذي ما يزال يدعم رياضة المرأة في عدن هو اتحاد تنس الطاولة الذي ينظم فعاليات وبطولات بشكل دوري، خاصة لفئة الناشئات والسيدات، أما بقية الاتحادات فقد توقفت أنشطتها للأسف.

تؤكد خديجة أهمية الرياضة والنشاط البدني في تقويم سلوك الفرد وعاداته، فعند الحديث عن سلوك أو نشاط بدني نتحدث عن تربية بدنية أي بمعنى تربية عن طريق النشاط.

مضيفة: “تتمتع الفتيات اللاتي يشاركن في الرياضة بشكل عام بمستويات عالية من الثقة والاحترام لذواتهن، وتنمي المستويات الإيجابية لديهن وإبعادهن عن المستويات السلبية والاكتئاب. إضافة إلى ذلك فإن النشاط الرياضي يسهم في غرس الثقة والانتماء فيهن كفريق واحد، وتعزيز القيم الأخلاقية لديهن، وزيادة نشاطهن في المجتمع”.

وتشير خديجة آدن إلى الدور المهم الذي لعبته النساء المشاركات في الأنشطة الرياضية في تعزيز ثقافة المشاركة في الألعاب الرياضية في المجتمع، فقد شاركن في الألعاب وواجهن التحديات وكن نماذج ناجحة وإيجابية كسرت الصورة النمطية عن المرأة في المجتمع.

من جانبها تؤكد الصحفية الرياضية دنيا حسن الدور المهم الذي تلعبه المرأة في تعزيز ثقافة الألعاب الرياضية في اليمن، وتشير إلى تراجع مشاركة النساء في الأنشطة الرياضية في السنوات الأخيرة، مما يتطلب بذل جهودٍ لتعزيز ثقافة الرياضة النسوية وإعادة إحياء الأنشطة الرياضية في مختلف المحافظات.

وبينت أن مدينة عدن قديمًا كانت تزخر بالكثير من اللاعبات الرياضيات في أكثر من مجال رياضي ضمن مشاركات داخلية وخارجية. وأكدت ضرورة إحداث ثورة ثقافية لتعزيز الرياضة النسائية في اليمن، والدعوة إلى تضافر الجهود من قبل جميع الجهات المعنية -من حكومةٍ ومجتمع مدني ووسائل إعلام- لإعادة الألعاب الرياضية في عدن وعموم المحافظات؛ نظرًا لما تحمله الرياضية النسائية من آثار إيجابية تنعكس على النساء والمجتمع، وتشجع النساء للمشاركة في الألعاب في بطولات على المستوى المحلي والمستوى العربي أو المستوى الدولي والعالمي.

 

تغيير إيجابي

تؤكّد فاطمة هاشم -مسؤول العلاقات في لجنة رياضة المرأة بعدن- على أهمية دور المرأة في جميع المجالات، بما في ذلك المجال الرياضي؛ إذ تشير إلى أن المرأة تمثل نصف المجتمع، وأنه لا يمكن تحقيق تنمية شاملة بدون مشاركة فعالة من قبلها، وأن الرياضة النسوية لا تمثل مجرد نشاط بدني، بل هي رمز للتمكين والتحرر، وأنها تسهم في تعزيز الثقة بالنفس لدى المرأة وتحسين صحتها وتعزيز أدائها الوظيفي.

وتشير هاشم إلى أن توسيع دائرة ممارسة الرياضة للنساء يعكس تغييرًا إيجابيًا في النظرة الاجتماعية تجاه دور المرأة، وأن الرياضة تصبح وسيلة لتعزيز المساواة وتحقيق تنمية شاملة.

كما تؤكد على ضرورة مواكبة التغيرات في المفهوم التقليدي للنشاط الرياضي، وأنه يجب إيلاء الأنشطة الرياضية المزيد من الاهتمام وتوفير الدعم لضمان مشاركة النساء في الجانب الرياضي، من خلال عمل حملات توعوية في المدارس عن أهمية الرياضة.

وأضافت أنه يجب استهداف طالبات الجامعات من خلال عمل الورش والدورات التدريبية التي توضح أهمية الرياضة في حياة المرأة، بالإضافة إلى تنفيذ دورات تدريبية في الألعاب المختلفة والتوعية بأهمية معرفة قوانين كل لعبة، وإقامة الدورات التحفيزية والتحكيمية لرفد المجال الرياضي بحكام من النساء المؤهلات، وعمل بطولات مدرسية واستقطاب الفتيات التي لديهن هوايات رياضية.

 

خطوات نحو التميُّز والتألق

أكدت خديجة أهمية دعم النشاط النسوي الرياضي لخلق جيل من الفرق النسائية الرياضية المتميزة، وإرساء دعائم رياضة مستدامة تستمر عبر الأجيال، كما أن المشاركة المنتظمة في الأنشطة الرياضية المدعومة يخلق جيلًا صحيًّا ونشيطًا يقاوم الإصابة بالأمراض المزمنة ويقلل من الأمراض المجتمعية والجرائم الناتجة عن وجود أوقات فراغ كبير، خاصة لدى فئة الشباب؛ ولذا تعد الرياضة إحدى العلاجات المهمة لمثل هذه الأمور التي تساعد في بناء مجتمع أكثر استقرارًا.

كما أضافت أن الرياضة تلعب دورًا مهمًا في تحقيق السلام من خلال زرع قيم التسامح بين اللاعبين واحترام الآخرين، وتمثيل بلادهم في البطولات الخارجية ونقل صورةٍ إيجابيةٍ عن بلدانهم. وأكدت أهمية تضافر الجهود من قبل الاتحادات والأندية الرياضية لإعداد حكام ومدربات من اللاعبات، وإقامة دورات تدريبية للفرق النسوية وتدريبهن وتأهيلهن، وإنشاء قاعات تدريبية نسوية، مع الاهتمام بتنفيذ وإقامة البطولات الداخلية بين المحافظات بشكل سنوي؛ لضمان استمرارية التدريبات ونشاط الفرق النسوية. وكذا ضرورة اهتمام سلطة الدولة أو الأشخاص القائمين على شؤون الرياضة بدور المرأة في الرياضة وإيلاء هذا الجانب أهمية كبيرة؛ لتغيير ثقافة المجتمع تجاه الألعاب الرياضية وإدراك دورها المهم في هذا المجال.

من جانبها، تؤكد فاطمة هاشم أهمية إقامة مراكز تدريب خاصة بالنساء تكون مجهزة بجميع الأدوات والمعدات، وتقدم جميع الأنشطة الرياضية للمرأة، بالإضافة إلى رفد هذه الأندية بكادر نسائي، من مدربات وحكام وطواقم إدارية، مما يتيح للنساء المزيد من الخصوصية والأمانة والحرية.

وتشير الصحفية دنيا إلى أهمية عودة المرأة للمشاركة في الأنشطة الرياضية، وضرورة تسليط الضوء على هذا الموضوع من قبل الأشخاص القائمين على مجال الرياضة، مطالبة بوجود جهات ومنظمات ومؤسسات حكومية وخاصة تعنى بشؤون مشاركة المرأة في الأنشطة الرياضية وتعمل على توجيه دورها واهتماماتها لدعم مواهب النساء الرياضيات وتنميته.

وأوضحت أن هناك محاولات ومبادرات من قبل وزارة الشباب والرياضة لإشراك النساء في مختلف المجالات الرياضية، لكنها تطالب بتفعيل هذا الدور بشكل أكبر من خلال إشراك النساء في أكثر من بطولة رياضية، مثل الشطرنج وتنس الطاولة وبعض الألعاب الرياضية الأخرى. وتؤكد ضرورة تفعيل دور الأندية الرياضية لاستقطاب النساء الرياضيات وتدريبهن وإشراكهن في دورات تدريبية من أجل تطوير فكر المجتمع وضمان عودة الرياضة النسائية من جديد.

إن دور النساء الرياضيات مهم وحيوي في دعم مشاركة المرأة في الأنشطة الرياضية وتعزيزها، ويعرب الجميع عن أملهم في أن تسهم جهودهن المستمرة في تحقيق المزيد من النجاحات والإنجازات للمرأة في مختلف المجالات الرياضية.