أفراح بورجيالمرأة في التنمية والسلام

 

“تُعد المدارس البيئة الأولى التي تُغرس فيها قيم الرياضة وثقافتها في عقول الطلبة، وتصقل مواهبهم في جميع المجالات، بما في ذلك الرياضة، خاصة أن وجود معلمين ومدربين رياضيين مؤهلين، وذوي خبرة وكفاءة عالية، يُساعد في اكتشاف مواهب الطالبات وتطويرها بشكل علمي وصحيح”. هذا ما قالته إنتصار سلام -وكيلة مدرسة بلقيس الأساسية الثانوية- لصحيفة “المرأة في التنمية والسلام”.

وتواصل سلام حديثها عن دور المدارس في تعزيز الرياضة، خاصةً للفتيات، مسلطة الضوء على بعض التحديات التي تواجه هذا المجال وتتمثل في نقص النوادي الرياضية الآمنة على مستوى المحافظة، مما يشكل تحديًا كبيرًا أمام ممارسة الفتيات للرياضة، مما يجعل المدارس البيئة الوحيدة المتاحة لممارستها، مؤكدة أهمية مراعاة خصوصية الفتيات عند ممارسة الرياضة.

وحول دور المدارس في ترسيخ مفهوم الرياضة في ظل هذه الظروف الصعبة، تقول سلام: “تواجه المدارس عبئًا كبيرًا يتمثل في الجمع بين مهامها الأساسية في التربية والتعليم، وبين مسؤولية تعزيز الرياضة لدى الطلبة؛ الأمر الذي يجبر المدرسة على إضافة حصص رياضية إضافية إلى جدولها الدراسي، مما قد يُشكل عبئًا على الطلبة والمعلمين على حدٍ سواء”.

وتشير إلى أن هناك نقصًا حادًا في الكادر الرياضي المؤهل في المدارس، والأدوات والمعدات الرياضية، مما يعيق عملية تعزيز الرياضة وتطويرها بشكلٍ فعال، ويُشكل عائقًا أمام ممارسة الرياضة بشكلٍ سليم وجذاب للطالبات.

 

الرياضة ودورها الإيجابي في عملية التعليم

أكدت المعلمة أميرة النهاري في حديثها أهمية الرياضة في حياة الطالبات، ودورها في تنشيط الجسم وتعزيز الثقة بالنفس وتنمية العقل؛ فالطالبات في المدارس -سواء في الحكومي أو الخاص- يجب أن تقام لهن مسابقات رياضية بشكل مستمر، في ألعاب مختلفة مثل مسابقة الشطرنج، ونط الحبل، وكرة التنس وغيرها من الرياضات المتنوعة التي تتيح الفرصة لهن في تنمية مهاراتهن الفكرية والإبداعية، مما ينعكس إيجابًا على تحصيلهن الدراسي؛ إذ إن الرياضة ليست حكراً على الطلاب فقط، بل هي حق للجميع، ذكوراً وإناثاً.

يؤكد يوسف علي الخضري -مدير إدارة المنتخبات الوطنية في وزارة الشباب والرياضة، وبطل المنتخب الوطني للكونغ فو- وجود تنسيق قائم بين وزارتي الشباب والرياضة والتربية والتعليم لتعزيز الرياضة المدرسية.

وأوضح أن أشكال التعاون بين الوزارتين تتضمن تنفيذ الأنشطة الرياضية المدرسية، التي ترعاها بعض الاتحادات الرياضية، بإشراف وزارة الشباب والرياضة، وإقامة المراكز الصيفية التي تنظم فيها أنشطة رياضية وثقافية وفنية للطلاب بدعم مباشر من وزارة الشباب والرياضة، من خلال صندوق رعاية النشء.

 

الرياضة النسائية، هواية ومواهب

تُجسد منار خالد (اسم مستعار)، خريجة كلية التربية الرياضية من جامعة الحديدة، نموذجًا مشرفًا لفتيات اليمن اللاتي أثبتن جدارتهن في مجال الرياضة، ولم تقتصر مشاركتهن في مسابقات الرياضة المدرسية، بل انتقلت معهم إلى مرحلة الجامعة ليختاروا تخصص الرياضة البدنية.

مذ كانت طالبة في إحدى مدارس الفتيات بمحافظة الحديدة، برزت منار بقدراتها الرياضية الاستثنائية، مما جعلها مؤهلةً لأن تكون إحدى المتسابقات المتميزات في رياضة كرة الطائرة في مسابقات المدارس التي كانت برعاية وتنسيق من وزارة الشباب والرياضة مع وزارة التربية والتعليم.

تخبرنا منار أن شغفها بالرياضة بدأ في المدرسة؛ إذ اكتشفت موهبتها الرياضية خلال حصة التربية الرياضية؛ ففي إحدى حصص كرة القدم، لفتت منار انتباه معلمة التربية الرياضية بمهاراتها المميزة، مما دفع المعلمة إلى ترشيحها للمشاركة في مسابقة رياضية مدرسية في فترة وجيزة.

تتابع: “شاركنا في مسابقة للكرة الطائرة، وفزنا على ثلاث مدارس، وحازت مدرستنا على المركز الأول في المديرية”.

تواصل منار قصتها المُلهمة عن استمرار شغفها بالرياضة من المدرسة إلى الجامعة، فقد اختارت تخصص رياضة بدنية؛ لتحقق أحلامها. واليوم وصلت إلى احتراف رياضة كرة الطائرة على المستوى الدولي، بعد أن أصبحت ضمن فريق متكامل في كرة الطائرة تمثل اليمن في الخارج.

لم تكن منار تتوقع أن تُتيح لها الظروف فرصة لتحويل شغفها إلى احتراف، ففي عام 2017 سافر والدها للعمل خارج اليمن، مما فتح أمامها آفاقًا جديدة لممارسة الرياضة باحترافية أكبر؛ إذ انضمت إلى أحد الأندية المتخصصة برياضة النساء، وشاركت في تشكيل فريق لكرة الطائرة. وبفضل مهاراتها وإصرارها، تمكنت من التميُّز بين لاعبات الفريق، وباتت أحد أعضائه الأساسيين.

 

التحديات في الجانب الرياضي

تشير إنتصار سلام في حديثها إلى التحديات التي تواجه الرياضة المدرسية للفتيات، والتي تتضمن نقص المرافق الرياضية المخصصة لهن في المدارس. مؤكدة أن تخصيص قاعة رياضية مستقلة للفتيات يسهم في توفير بيئة آمنة ومناسبة لممارسة الرياضة، وأهمية تخصيص حصص أسبوعية تسمح لهن بممارسة الرياضة كما يجب؛ لأنها جزء أساسي من بناء القدرات لديهن، وأهمية تشجيع الفتيات على المشاركة في الفعاليات الرياضية، سواء داخل المدرسة أو خارجها.

وبينت أن المدرسة هي المعين الأول لإعداد الأجيال الصاعدة، ليس فقط على المستوى التربوي والأكاديمي، بل أيضًا على المستوى الرياضي.

يشارك يوسف الخضري، الرياضي ولاعب الكونغ فو، رؤيته حول أهم التحديات التي تواجه الرياضة في أي مجتمع؛ إذ يشير إلى أن مستوى الوعي والثقافة في المجتمع متدنٍ، وعدم إقامة الأنشطة الرياضية بشكل مستمر في المدارس والأندية الرياضية يعد عاملًا رئيسيًا في عدم فهم المجتمع لأهمية الرياضة.

وأضاف: “لا بد من وجود البيئة المناسبة لممارسة الرياضات المختلفة، من صالات رياضية وأكاديميات وملاعب مجهزة؛ لأن توفيرها بشكل لائق يسهم في جعل الشباب متحمسين لخوض التجربة والمنافسة على ممارسة الرياضة”.

 

المعالجات

أكد يوسف علي الخضري أهمية دعم الاتحادات الرياضية كأولوية قصوى؛ لتعزيز دور الوزارة في تنمية مفهوم الرياضة لدى الطلاب والشباب. فإلى جانب الدعم المادي الذي تقدمه وزارة الشباب والرياضة للاتحادات الرياضية، تُنفذ الوزارة مجموعة من المبادرات لتعزيز دورها في نشر ثقافة الرياضة بين مختلف فئات المجتمع، خاصة الطلاب والشباب.

وتشمل هذه المبادرات عقد اتفاقيات تعاون مع المدارس من خلال توفير المرافق الرياضية اللازمة داخل المدارس كالصالات والملاعب الرياضية المختلفة، وتوفير جميع ما يحفز الشباب لممارسة الرياضة، بالإضافة إلى تفعيل البروتكولات والاتفاقيات الخارجية مع بعض الدول لتبني تأهيل اللاعبين المميزين من المنتخبات الوطنية.

 

الخطط المستقبلية

يؤكد اللاعب جمال الصبري غياب الخطط المستقبلية لدى المؤسسات الرياضية في اليمن، التي من شأنها تعزيز مشاركة المرأة في مختلف المجالات الرياضية، سواءً كمشاركات أو ككادر فني وإداري؛ فهذا الغياب يُشكل عقبة كبيرة أمام نهضة الرياضة اليمنية. ومع ذلك، أكد أهمية وضع خطط مستقبلية لتعزيز مشاركة النساء في الرياضة، على أن تكون جزءًا من خطة شاملة للنهوض بواقع الرياضة في اليمن.

ويكمل حديثه قائلًا: “الرياضة النسائية تلقى دعمًا دوليًا. وأعتقد أن اليمن تلقت دعمًا كبيرًا خلال العشرين سنة الماضية، وهناك رياضيات حققن إنجازات كبيرة على المستوى الدولي، وهذا جيد. لكن من خلال خبرتي في الرياضة أعرف أن وضع الرياضة النسائية في حال سيء”.

ويتابع: “أنا أيضًا لا أتفق مع وجود اتحاد نسائي خاص بالنساء بعيدًا عن الاتحاد الرسمي للألعاب المختلفة. وأعتقد أن وجود الاتحاد النسائي، وإن كان قد ساعد سابقًا في تعزيز مشاركة النساء في الرياضة، فإنه تحول إلى عائق بسبب سيطرة الاتحاد على الرياضة النسوية، بسبب الأوضاع الراهنة”.

ويواصل: “نحن بحاجة لمؤسسات رياضية نموذجية تعمل وفق اللوائح والأنظمة، وتُدار بشكل تشاركي من قبل الهيئات الإدارية المنتخبة، وأن تكون مشاركة النساء جزءًا من برامج هذه الاتحادات. ومن وجهي نظري أعتقد أن هذا ما يفترض أن يكون”.