حنان حسين – المرأة في التنمية والسلام
تواجه المرأة اليمنية، داخل الوطن وخارجه، تحديات جسيمة في ظل النزاع الدائر في اليمن، كما تعاني اليمنيات من أوضاع إنسانية مأساوية، وتشريد، وعنف مستهدف. وعلى الرغم من الصعاب التي تواجهها، تثبت المرأة اليمنية يومًا بعد يوم قدرتها على الصمود والتحدي. وتبرز أدوارهن الريادية في المجتمع، سواء كنَّ ناشطات في مجال حقوق الإنسان، أو قيادات مجتمعية، أو مقدمات خدمات إنسانية.
تتعدد المبادرات الدولية والمحلية لدعم المرأة اليمنية، وتقديم المساعدات الإنسانية والاجتماعية لها، وهذا التقرير يستعرض تأثير المبادرات التي تستهدف النساء اليمنيات، سواء كنَّ داخل الوطن أو خارجه، وأهمية التنسيق بين هذه المبادرات لتحقيق أقصى استفادة ممكنة.
إحصائيات وأرقام
وفقًا لإحصائية أصدرتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر عبر موقعها الرسمي، أنّ عدد اللاجئين اليمنيين المسجلين لدى المفوضية حتى أغسطس 2024م، بلغ 8649 لاجئًا ولاجئة. فيما قدرت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة عدن 2022م أنّ عدد المهاجرين اليمنيين بلغ أكثر من مليون مهاجر. وذكر التقرير أنّ هناك زيادة ملحوظة في عدد المهاجرين منذ عام 2019م نتيجة عدم الاستقرار الذي طال أمده في اليمن.
وذكرت السفارة اليمنية في القاهرة عام 2022م، أنّ عدد المقيمين اليمنيين في مصر يتراوح ما بين 500 ألف و700 ألف، ويشكل هذا ارتفاعًا ملحوظًا مقارنة بعددهم قبل اندلاع النزاع المسلح؛ إذ كان يبلغ ما يقارب 70 ألفًا فقط.
أهمية دور المبادرات
تكتسب المبادرات النسوية أهمية بالغة، وذلك لما تقوم به لتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للنساء اليمنيات في الخارج، وتعزيز شعورهنّ بالانتماء والهوية، كما تساعدهنّ في تمكين المرأة اليمنية اقتصاديًّا؛ بتوفير فرص عمل وتدريب مهني، وتعمل على حماية حقوق المرأة اليمنية في الخارج، عن طريق رفع الوعي بحقوقهنّ، وتقديم الدعم القانوني لهنّ في حال تعرضهنّ لأيّ نوع من الانتهاكات.
وتسهم المبادرات عن طريق مجموعة من البرامج والأنشطة في تمكين المرأة اليمنية بشكل اجتماعي واقتصادي، وتزويدها بالمهارات اللازمة للاندماج في سوق العمل الجديد في المجتمع المضيف، أو عند العودة إلى الوطن.
وليد الزريقي (رئيس مبادرة وجود في مصر) يتحدث عن المبادرة قائلًا: “مبادرتنا هي واحدة من المبادرات التي تخدم اليمنيين في مصر، تأسست في العام 2019م، ولها ثلاثة أقسام (القسم التعليمي – القانوني – الطبي والدعم النفسي)، ونعمل مع اليمنيين وبقية الأفراد من اللاجئين والمهاجرين من الجنسيات الأخرى، في مجالات متعددة منها الإغاثة الإنسانية والأنشطة التأهيلية والتدريبية وغيرها”.
ويُضيف: “نعمل في الجانب التعليمي عبر إقامة دورات مختلفة تستهدف الطلاب والطالبات اليمنيات في كيفية التكيف مع الواقع الجديد، وإيجاد منح تعليمية للمتسربين، بالتعاون مع مبادرات أخرى منها اليمنية والجنسيات الأخرى. كما نقوم على عقد ورش عمل توعية تستهدف الطالبات اليمنيات في المدارس والمعاهد بحقوقهنّ وواجباتهنّ، ونعمل على تدريب الفتيات وتمكينهنّ في عدة أنشطة تأهيلية وورش تدريبية في مجالات متعددة، تسهم في رفع قدراتهنّ لخوض الجانب التجاري والدخول في سوق العمل في المجتمع المضيف”.
وفي حديثه عن المبادرات واستهدافها للنساء، يصرح في هذا الشأن قائلًا: “استهدفنا كثيرًا من اليمنيات في مصر، وعملنا على تعليمهنّ عدة أعمال يدوية؛ منها الخياطة وصناعة الكيك والحاسوب، إضافة إلى دورات الكوافير والكروشيه ونقش الحناء وغيرها من الأنشطة التي تدرُّ عليهنّ الدخل من المنازل”.
وأضاف رئيس مبادرة وجود في مصر: “لقد قمنا بتعليم النساء صيانة الموبايلات، لضمان خصوصيتهنّ؛ إذ إنّ المبادرة لديها ضمن الأولوية بالرؤية والرسالة الاهتمام المركز على السيدات والأطفال عامة، وبالأخص ذوي الاحتياجات الخاصة”.
ويردف الزريقي: “هنا في مصر لدينا مبادرات كثيرة يمنية جميعها تهتم بالنساء على جميع الأصعدة النفسية والاجتماعية والطبية، وحتى القانونية، فالمبادرات تقدّم الكثير للسيدات حسب الإمكانيات المتاحة”.
ويرى وليد أنّ من ضمن الصعوبات والمعوقات التي قد تواجه اليمنيات في بلاد المهجر انعدام الوعي؛ إذ قال: “حتى في خارج اليمن نجد أنّ الفكر المجتمعي الذكوري اليمني لا يزال مهيمنًا على واقع المرأة اليمنية، خاصة من أرادت منهنّ العمل والاستقلال بكل نواحي الحياة؛ إذ إنّ العمل في مصر يحتاج لتصريح؛ لذلك تجد المرأة صعوبة في الحصول عليه دون موافقة ولي الأمر في أغلب الأوقات”.
“مبادرة رياحين اليمن” مبادرة نسائية إنسانية تهدف إلى الدعم وتقديم العون للمرأة اليمنية في ماليزيا، وهذه المبادرة، تشكل نموذجًا للتضامن والتكاتف بين أبناء الجالية اليمنية، وتسعى إلى تخفيف معاناة المرأة اليمنية التي هجّرتها النزاعات، وتوفير حياة كريمة لها في منفاها؛ عن طريق استهدافها في العديد من الأنشطة والبرامج التدريبية والتأهيلية.
المبادرة، التي تعمل منذ سنوات عدة، تعمل على تنفيذ برنامج الدورات التدريبية التأهيلية لسيدات الجالية اليمنيّة في ماليزيا، ضمن برامجها لتمكين النساء اليمنيات، وإيجاد فرص عمل لتحسين مستوى معيشتهنّ، وفتح مجال تأسيس المشاريع الصغيرة والتسويق الإلكتروني.
وتهدف المبادرة إلى تقديم الدعم المادي؛ بتوفير المساعدات الغذائية والملابس والأدوية للأسر المحتاجة، وتأهيل النساء اليمنيات للحصول على فرص عمل مناسبة، وتقديم برامج دعم نفسي واجتماعي لهنّ، وتعزيز التماسك الاجتماعي في ماليزيا.
أهمية الأنشطة
ابتهال الصالحي (صحفية يمنية مقيمة في مصر) تصرّح أنّ الجهات المعنية ومن ضمنها المبادرات التي تقوم بالأنشطة التي تستهدف النساء عن طريق برامج متنوعة، منها برامج التعليم والتدريب، وتعمل مع منظمات في دعم المشاريع؛ كمنظمة الهجرة الدولية والمفوضية السامية للاجئين، يجب أن يكون دعمهنّ مستدامًا ومتواصلًا إلى ما بعد التدريب، فمثلًا عندما يكون البرنامج عن تعليم الخياطة يجب أن يعملوا على توفير أولويات المشروع؛ كآلات الخياطة، وصولًا إلى مرحلة فتح مشروعها الخاص وهكذا، حتى يساعدوا على تنشيط المشاريع الصغيرة”.
آسيا محمد -رئيسة دائرة المبادرات في هيئة شباب اليمن في اتحاد شباب العرب للإبداع والابتكار (العامل في نطاق مجلس الوحدة الاقتصادية جامعة الدول العربية)- في تصريحها عن دور المبادرات والأنشطة القيمة في دعمها لليمنيات خارج الوطن تقول: “كان للمبادرات اليمنية في القاهرة دورًا كبيرًا وفعالًا في تأهيل وتمكين المرأة اليمنية اقتصاديًا واجتماعيًا وحقوقيًا وزيادة وعيها في كل المجالات التي تمس واقع المرأة اليمنية الجديد”.
وأشارت إلى أن المرأة اليمنية قد تواجه كثيرًا من التحديات والمعوقات في بلاد المهجر؛ لذلك يجب أن يتم تمكينها في جميع المجالات، مما يجعلها قادرة على مواجهة كل تلك التحديات، وأن تتعامل مع المعوقات بشكل إيجابي، وأن يصنع منها امرأة قوية واعية تستطيع اتخاذ القرار وإدارة ذاتها وأسرتها، وينعكس ذلك إيجابًا على تربية أبنائها وخلق مجتمعات سليمة مترابطة.
إسهامات نسوية
وحول أهمية دعم النساء بالأنشطة والمبادرات، تقول رئيسة دائرة المبادرات في هيئة شباب اليمن: “تمكين المرأة قد يسهم في بناء مجتمعات قوية ومرنة في بلدان اللجوء، أو عند العودة إلى الوطن، كذلك زيادة الإنتاجية الاقتصادية، سواء في بلدانها الأصلية من خلال تحويلات الأموال، أو في بلدان إقامتها من خلال إسهاماتها في الناتج المحلي الإجمالي”.
وتردف: “تدعم المرأة المتمكنة ريادة الأعمال، ممّا يخلق فرص عمل جديدة، ويسهم في تنويع الاقتصاد، وتحسين واقع حياة أسرتها ومجتمعها، بالإضافة إلى تحقيق المساواة بين الجنسين، وبناء مجتمعات أكثر شمولية؛ إذ يتمتع الجميع بفرص متساوية”.
وتضيف: “أنّ دور المبادرات في استهداف النساء في الخارج يعزز من نقل القيم والتقاليد الثقافية اليمنية إلى الأجيال القادمة، مما يحافظ على الهوية الثقافية للمجتمع في بلاد المهجر، عن طريق إقامة فعاليات ثقافية تراثية وتعليمهم الحرف التي تعزز الوطنية بداخله”.
وتؤكد آسيا محمد أنّ هناك تعاونًا مشتركًا بين المبادرات اليمنية تحت إشراف الهيئة، إذ تقول: “نحنُ هيئة شباب اليمن رأينا أنّ دائرة المبادرات لها أهمية في توحيد الجهود من مختلف المبادرات اليمنية في القاهرة، وخلق بيئة عمل مشتركة من جانب الهيئة والمبادرات، عن طريق مبادرات ومعاونات مشتركة تصب في صالح المرأة والجالية اليمنية، وبصفتي رئيسة إدارة المبادرات في الهيئة قمنا بتكريم كل المبادرات اليمنية في القاهرة لجهودها في استهداف اليمنيات في الغربة”.
أهداف ومساعٍ
وحول أهمية إقامة أنشطة تستهدف النساء في المهجر تقول آسيا: “تهدف هذه الأنشطة إلى تمكين المرأة المهاجرة في مختلف المجالات، وتعزيز دورها في المجتمع المضيف؛ لذا وجب تقديم الدعم اللازم لها؛ للتغلب على كل التحديات التي تواجهها، ولعل من أهمّ الأنشطة والبرامج المقدمة للنساء برامج التعليم والتدريب للغة والحاسوب، وريادة الأعمال، التي تعمل على تزويد النساء بالمهارات اللازمة لسوق العمل المحلي، وإكسابهنّ المهارات الرقمية اللازمة للبحث عن عمل مناسب لهنّ”.
“تقديم العديد من المبادرات دعمًا للمشاريع الصغيرة لمساعدة النساء على بدء مشاريعهنّ الخاصة، وتقديم دعم نفسي عبر تنفيذ جلسات استشارية لتوعية الاجتماعية للنساء، كما تنفذ العديد من المبادرات أنشطة للفنون والثقافة؛ لعرض أعمال النساء المهاجرات والاحتفال بتنوعهنّ وتأثيرهنّ في المجتمع”، حسبما أضافت آسيا في حديثها عن أبرز الأنشطة التي تقوم بها المبادرات في بلاد المهجر.
يرى مختصون وباحثون ضرورة إنشاء مجموعات دعم للنساء اليمنيات في بلاد المهجر قد تسهم في تبادل الخبرات والمعلومات، كما يجب تنظيم حملات تثقيفية وتوعوية حول حقوق المرأة والقضايا التي تواجهها هناك، ودعم المشاريع الصغيرة بشكل أكبر وبصورة مستدامة لضمان استمرار العمل وتطويره.