المرأة في التنمية والسلام – أفراح بورجي

تعدُّ المرأة اليمنية عمودًا رئيسيًّا من مختلف المجالات والقطاعات الخدمية والتنموية، مثل التعليم والطب والهندسة والإعلام، فوجودها مهمٌّ؛ كونها قادرة أن تعمل مثلها مثل الرجل، وهذا ما ثُبِت بظهور نماذج نسائية قادرة على التغيير والتأثير، غير أنّ نظرة المجتمع للمرأة ما زالت منقسمة إلى قسمين؛ مؤيد لدورها في العمل، وخاصة في الإعلام، ومعارض لذلك.

 الأفكار السلبية التي تعارض عمل المرأة اليمنية من المجال الإعلامي تحكمها التشبث بالعادات والتقاليد التي ما زالت موجودة في المجتمع اليمني، وعلى النقيض هناك مَن هو مؤمن بدورها المؤثر والمهم في العمل، لا سيّما في مجال الإعلام، كونها تستطيع أن توصّل قضايا المجتمع وقصصه بطرق مؤثرة، ولها القدرة والأحقيّة في مناقشة قضايا النساء المتضررات من الصراع.

 إن المرأة اليمنية صاحبة رسالة جميلة وجديرة بالعمل الإعلامي المتميز، وبصمتها جليّة في الإعلام، وأثبتت المرأة اليمنية أنها قادرة على منافسة الرجل في حقل الإعلام، بل والتفوق عليه أحيانًا، وشاهدنا وسمعنا في السنوات الأخيرة يمنيات تميزنَ في الإعلام المرئي والمقروء والمسموع ولا يقلل من تأثير أدائها الإعلامي أنّها امرأة، بل يزيده، ولا يعوق العاملة في المجال الإعلامي أنّها أمٌّ أو زوجة.

بهذا الخصوص تقول الإعلامية تسنيم المحمدي: “إنّ نظرة المجتمع في مجال التصوير، وخاصة التصوير التلفزيوني، ما زال محصورًا على الرجال؛ بسبب العادات والتقاليد والتنشئة التي فرضت تخصص معظم المهن على الذكور، وهُضم حقُّ المرأة في حرية اختيار المهن ومزاولتها دون قيود”.

تكمل تسنيم: “بِعدِّي إعلامية أواجه عوائق كثيرة، أكبرها نظرة المجتمع القاصرة التي تقيّد من فرصة مزاولة تصوير التقارير والأفلام بأكثر من جهة، وتقيّد الانطلاق بمهنتي لأصل إلى المستوى العالمي”.

وتتابع المحمدي: “غياب حضور المرأة في التصوير الميداني، خاصة في معظم المحافظات اليمنية، مثل تصوير التقارير التلفزيونية، أو الأفلام والمشاهد المرئية، يرجع إلى تدني الثقافة، وتمركز العادات والتقاليد على نظرة المجتمع، وكذلك احتكار العمل على الذكور بشكل كبير للأسف”.

نظرة إيجابية

تقول الإعلامية هيفاء العديني: “إنّ نظرتي للمرأة اليمنية العاملة في مجال الإعلام نظرة إيجابية بحتة، بغض النظر عن الآراء والكلام الذي يتناوله المجتمع نفسه، لكن المرأة اليمنية التي تعمل بمجال الإعلام مثلها مثل المرأة التي تعمل بمجال الطب والتعليم والهندسة، حتى ربة المنزل تعدُّ عاملة”.

 تتابع العديني: “أتحدث عن المجتمع الذي نعيش فيه، مجتمع تحكمه بعض المعتقدات والأفكار المقيّدة، ولكن المرأة رغم كل المعوقات استطاعت أن تظهر صوتها وصوت النساء اللواتي لسنَ قادرت على أن يظهرنَ أصواتهنّ ومعاناتهنّ بكل جدارة”.

وتكمل قائلة: “أشيد بكل امرأة يمنية عاملة في مجال الإعلام؛ لأنّها تخوض صراعًا، أولًا مع نفسها، وثانيًا مع المجتمع ذاته؛ كونها توصل قضايا وقصصًا، سواء أكانت معاناة أم نجاحًا للنساء اليمنيات”.

جديرة بالعمل

إن المرأة اليمنية جديرة بالعمل في هذا الخصوص، تقول سميرة باضاوي: “وصلت إلى مستوى أن أكون رئيس تحرير في مؤسسة أمنية عسكرية؛ الأمر الذي كان صعبًا في مدّة سابقة؛ إذ يعدُّ مسؤولية وحملًا كبيرًا، وكوني في هذا المنصب أصبحت أكثر حرصًا ومسئولية على عملي؛ إذ أتجنب الأخطاء في مركز الأخبار، التي تعد ضمن مسئولياتي”.

وأوضحت: “أنّ هذا العمل يعدُّ من الأدوار الصعبة في المجال الإعلامي بالنسبة لي كامرأة، وقد مررت بكثير من التحديات، منها كوني امرأة مسئولة عن طاقم إعلامي من محررين ومصورين، بعضهم له سنوات خبرة طويلة في المهنة الإعلامية”.

ومن جهة أخرى، تذكر الصحفية سماح عملاق أنّ المرأة اليمنية أثبتت حضورها في عدة مجالات في العمل والمسؤولية؛ سواء أكانت في الإعلام أم القضاء، ولفتت الانتباه مؤخرًا حول النجاح الذي تحققه المرأة اليمنية في الإعلام، لا سيّما البرامجية أو الإذاعة والتلفزيون أو الإدارة العامة، وهي عنصر مهمّ في الإعلام البديل، مثل وسائل التواصل الاجتماعي.

وتكمل عملاق: “المرأة هي محل نجاح في كل القطاعات؛ أكان إعلامًا أو أيَّ قطاع آخر تكون فيه، أو يكون نصيبًا للمرأة اليمنية، وهي منافسة على الشاشة العالمية، مثل (أسماء راجح) على شاشة الحدث، وغيرها من اليمنيات التي شقت طريقها مثلها مثل الرجل”.

التحديات

توضح سميرة باضاوي بأنّ هناك تحديات قائمة على نظرة المجتمع الدونية للنساء اللواتي يعملن في قطاع الإعلام؛ كونهنّ يعِشنَ في مجتمع محافظ، يحدد للمرأة مهنًا معينة، مثل التدريس والتمريض، ولا يرى غيرها. ولا يقف التحدي على هذا النحو، فهناك إقصاء وتهميش يمارس في حق المرأة الإعلامية من قبل المؤسسات العاملة بها، وتعطى أغلب الفرص للرجال.

وتتابع: “يعدّ الرجل في نظر بعض المجتمعات اليمنية هو الأفضل والأجدر بالقيام بالتغطيات وبعض الأعمال الإعلامية. وإبعاد الإعلاميات عن تولي المناصب في المؤسسات الإعلامية كمنصب مدير ورئيس تحرير- يعدُّ هذا من التحديات الكبيرة التي تتعرض لها المرأة اليمنية العاملة في مجال الإعلام”.

وفي ذات السياق أردفت سماح عملاق: هناك تحديات اجتماعية تواجه المرأة وهي تحديات مركبة، منها ما تكون داخل المنزل، وتحديات خارج المنزل؛ فبالنسبة للمرأة فهي تجد كثيرًا من الصعوبات في كل المجالات لا سيَّما الإعلام؛ بسبب أنّ الإعلام مرتبط بالمجتمع المحافظ الذي ينظر إلى المرأة بأنها رهينة أعمال المنزل بكل أساليبه، وأنها في حال عملت، تعمل في مجالات نوعية، لا تقدر على الاختلاط التجاري أو التعامل معهم كثيرًا، مثل الطب والتعليم.

وأشارت عملاق إلى أنّ هناك كثيرًا من النساء اللاتي اثبتنَ وجودهنَّ وأثبتنَ بأنّ المرأة الإعلامية تحقق كثيرًا، وتقدّم كثيرًا، وتناقش قضايا مجتمعها، وتصل أيضًا إلى كثير من الحلول، مع الالتزام والاحتفاظ بالعادات والتقاليد كافة التي أمرنا بها الدين الإسلامي.

وأردفت مرفت الربيعي قائلة: تعرض الصحفيون لمخاطر جمّة؛ وهناك تحديات كثيرة تواجهها المرأة الإعلامية، منها عدم الوصول إلى المصادر والمعلومات والموارد، وقلة فرص التدريب والتطوير المهني للصحفيين؛ إذ إنّ  انخفاض ثقة الجمهور في وسائل الإعلام يعدُّ من التحديات الكبيرة، كذلك قلة المردود المالي، ونظرة المجتمع للنساء العاملات في مجال الصحافة والإعلام بأقسامه، كل هذه تعدّ من التحديات والصعوبات التي تواجه الإعلاميات العاملات في مجال الإعلام.

الحلول والمعالجات

تقول تسنيم المحمدي: “الحل من وجهة نظري إعطاء المرأة كل الحق بمزاولة المهنة التي تريدها، دون أي تمييز أو عنصرية؛ وذلك بإشراكها في المجال الميداني دون هضم لحقوقها أو مكانتها، ولن يحدث ذلك إلّا بالوعي الكافي للمؤسسات والعاملين وكذلك المجتمع”.

أمّا من جانب سميرة باضاوي فوضّحت المعالجات من وجهة نظرها: “المعالجة للتحديات والصعوبات التي ذكرتها سابقًا هي أن تكون من خلال الإصرار والتمسك بكل الإيجابيات، والتعلم من السلبيات، وتطوير القدرات، وصقل المهارات، والمشاركة بفاعلية، كون هذا يعزز من الثقة في النفس، وأيضًا ثقة الآخرين بالمرأة الإعلامية في المجتمع، واختيارها التخصص الإعلامي الذي يتناسب مع قدراتها ومعارفها وميولها، وبما يتناسب مع قيم الدين الاسلامي الحنيف ومبادئه”.

وتكمل باضاوي: “اختيار المواد الإعلامية التي تتناسب مع ثقافة المجتمع، وتبرز الجوانب المشرقة فيه، وتعطي طابعًا إيجابيًّا وارتياحيًّا، وكذلك المشاركة بفاعلية في التغطيات المحلية، التي يهتم بها شريحة واسعة من المجتمع وتلامس همومهم، يبعث ذلك الشيء تغييرًا وتحولًا إيجابيًّا في المجتمع”.

وتشارك سماح عملاق برأيها لتقديم التوصيات والحلول: “تستطيع المرأة معالجة التحديات بأن تكون هي النموذج الناجح الذي يفتح الباب ويتركه مواربًا لمن بعده، فإذا أثبتت لهذا المجتمع المرن بأنّها حافظت على تقاليده، ولم تتمرد عليه، وفي نفس الوقت خدمت وطنها وأرضها، فتجد الجميع يصفق لها، ويشجعها، ويفخر بفضلها؛ لأنّ المجتمع اليمني يفتقد إلى هذا النماذج الناجح من النساء”.

أمّا من جهتها، فتقول الصحفية مرفت الربيعي: “العمل من قبل الدولة والجهات الداعمة على مساعدة الصحفيين للوصول إلى المعلومات والموارد، وممارسة حق الوصول إلى المعلومة، وتوفير فرص التدريب والتطوير المهني، وأيضًا بناء الوعي لدى المجتمع بأهمية الإعلام في نقل معاناته لاسترجاع ثقة الجمهور بوسائل الإعلام، كل هذه النقاط تعدُّ من الحلول الفاعلة التي تساعد المرأة الإعلامية على التصدّي للتحديات التي تواجهها”.